الحلقة 1004: كي لا نتحوّل دولةً قرارُها أرنبٌ وتنفيذُها صرصار
الأربعاء 13 تَموز 2011
فيما تدهَمُنا سَرِقَةُ النفط والغاز من مياهنا الإقليمية، وتتحرّكُ الدولة – ردّةَ فعلٍ لا فعلاً – على ما تقوم به إسرائيل من شَرعَنَةٍ لحقوقها في مناجم النفط والغاز، وترسِّخ ارتباطاتها مع قبرص، يبقى لبنانُ الحلقةَ الأضعفَ في استلحاق تفاعُلات هذه السرقة، وفي الاعتراض والاشتكاء والشَّكْوى والتَّشَكِّي بينما تتكامل اتفاقاتُ الحدود والترسيم والحقوق بين الدولتَين: العدوّة إسرائيل والصديقة قبرص. لذا كانت إسرائيل تُحظِّر عبور سفن المساعدات الإنسانية إلى غزَّة عبر شواطئها (كالسفينة التركية “مرمرا”) كي لا يرى أحدٌ أشغالَ التنقيبات غير الشرعية عن الغاز والبترول، تسرقها الدولة العنصرية من المياه الإقليمية للبنان وفلسطين.
وفي دراسةٍ صدرت مؤخراً: اكتشافُ منجم نفطٍ وغاز يحوي 122 مليار قدَم مكعب من الغاز الطبيعي، و1،7 مليار برميل نفط في حوض ساحلي يمتد من لواء الاسكندرون حتى جنوب غزة، مروراً بالمياه الإقليمية اللبنانية على تخوم الشاطئ اللبناني في المياه الدولية بين فلسطين وقبرص، ما يفرض على لبنان الدفاع عن حقوقه ومصالحه الاقتصادية فيه، وقد يكون سببَ صراع جديدٍ مع الدولة الغاصبة.
فمتى عَلِمْنا أن القانون الدولي يُحدّد لكل دولةٍ منطقًة بَحرية تصل حتى 12 ميلاً بحرياً (22 كيلومتراً) عن الشاطئ، وتسمح معاهدة 1982 الدولية لقوانين البحار أن تعلن كلُّ دولة عن مسافة إضافية تصل إلى 200 ميل بحري منطقة اقتصادية خاصة، نفهم مقدار اغتصاب إسرائيل مياهَنا اللبنانية الإقليمية خارج حدود إسرائيل المائية، وسرقة مواردنا من نفط وغاز،
ومتى عَلِمْنا أنّ لبنان منذ 2009 يفاوض، ويناقش، ويعترض، ويدرس، ويخطّط، للوقوف في وجه هذا الاغتصاب،
ومتى عَلِمْنا أنّ لبنان ما زال يدرس ردة الفعل على الاغتصاب عوض أن يكون له الفعل في ردع هذا الاغتصاب،
ومتى عَلِمْنا أنّ إسرائيل وقبرص تفاوضتا وقد تكونان اتفقتا على ترسيم الحدود المائية بينهُما بقطْع النظر عن موقف لبنان وحقوق لبنان والتمهُّل لدى حكومة لبنان السابقة والحالية وربما المقبلة، آخذةً وقتها في القرار والتنفيذ على قاعدة: “في التأنّي السلامة وفي العجلة الندامة”،
ومتى عَلِمْنا أن الحكومة الحالية تأخذ وقتها لدراسة اغتصاب النفط والغاز في مياهنا، لأنّها مشغولةٌ بِصَبّ النفط والغاز على خصومها السياسيين لإسكاتهم بحجة أنها حكومة الجهة الإحادية التي لا جهة إلاّها في السلطة، وتالياً تفرض رأْيها الوحيد ولا تُرينا كيف ستواجه قرار إسرائيل التي تنهب يومياً ملايين الأمتار المكعبة من الثروات الغازية والنفطية من مياهنا اللبنانية،
متى عَلِمْنا كلّ ذلك نتذكّر قصة الأرنب المغرور الذي تلهّى مطمئنّاً أنّ السلحفاة لن تسبقَه، وهي سبقَتْه ووصلَت قبله،
ونتذكّر قصة الصرصار الذي أمضى الصيف يغنّي فيما النملة تَجمع تدريجياً ما يُقيتها شتاءً،
نتذكّر تينَك القصّتين كي لا نتحوّلَ إلى دولةٍ قرارُها أرنبٌ وتنفيذُها صرصار، وكي لا تستيقظَ يوماً لترى السلحفاة نَهبَتْ غازَها، والنملةَ استولَتْ على پـترولها فيما هي مشغولةٌ بِصَبّ الغاز والپترول على خصومها السياسيين.