الحلقة 1002: هَلُمُّوا الى لبنان جنّة الله في الشرق
الأربعاء 29 حزيران 2011
وَرَدَني بالبريد الإلكتروني إعلانٌ في إحدى الصحف صادرٌ سنة 1932، فيه ترغيبٌ سياحيٌّ بالمجيء إلى لبنان لتمضية الصيف في ربوعه الغنّاء.
ومِمّا جاء في الإعلان حرفياً:
“هَلُمّوا إلى لبنان جنة الله في الشرق
أَمْنٌ شامل، جبالٌ شامِخَة، هواءٌ عليل نقيّ،
ينابيعُ جاريةٌ متدفقة، مياهٌ باردةٌ عذبة، مناظرُ فتانةٌ ساحرة،
غاباتٌ وأحراجٌ كثيفة مظَلّلَة، نشاطٌ، قوّةٌ، إنعاش.
سافروا بقطارات وسيارات سكك حديد فلسطين الرَّحبة والمريحة في تسع عشرة ساعة فقط.
أسعار الصيف مُخفَّضة من أول مايو إلى آخر نوفمبر 1932.
درجة أولى، درجة ثانية، درجة ثالثة.
تساهُلٌ عظيمٌ في نقل الأمتعة الشخصية”.
استوقفتْني في هذا الإعلان عباراتٌ لافتةٌ ترنُّ اليوم بعد ثمانين عاماً على هذا الإعلان،
منها: “أمن شامل”، “غابات وأحراج كثيفة مظللة”، “نشاط” “قوّة” “إنعاش”،
وهي كلماتٌ وعبارات للجذب السياحي لا تزال حتى اليوم صالحةً للإعلان عن مقوّمات السياحة الطبيعية عندنا،
في بلدٍ آمِنٍ
طبيعتُه جذابة بهوائها ومناخها ومياهها ومناظرها،
كان يأتي إليها السياح بالقطار من فلسطين،
يغنمون من عافية الاقتصاد اللبناني،
ومن القوة في لبنان (للدلالة على شعبه القوي)،
ومن النشاط في لبنان (للدلالة على الحيوية في شعبه)
ومن الإنعاش في لبنان (للدلالة على السياحة البيئية والصحية والاستشفائية في لبنان).
ثمانون سنة مرت على هذا الإعلان، عن جنة الله في الشرق،
ولا يزال هذا اللبنان الأعجوبي جنة الله في مُحيطه،
تغدُره الأيام فينهَض،
تتآمر عليه الظروف فينهَض،
تُدَمِّرُهُ الكوارث البشرية فينهَض،
ويعود أقوى، ويعود أبهى، ويعود أجمل وأكثر جذباً مما كان.
بلى: السياحة في لبنان پترول لبنان الحي النابض،
بكلّ ما في سياحتنا من مروحة واسعة متنوعة متطورة مختلفة مغايرة،
بين طبيعية ودينية وبيئية وثقافية وصحية وأثرية ومناخية
واصطيافٍ كان مرنى السياح والشعراء والكتّاب بمناخه الفريد وما زال يَجتذب البعيدين والقريبين.
وسياحتُنا تتوسّع إلى الأربعة الفصول،
بسياحة الثلج اللبناني،
وعُذوبة الربيع اللبناني،
ومواسم الخريف اللبناني،
حتى ليغدو لبنانُ السياحي مقصداً ومطْلباً ومربَعاً للنفس والروح والقلب وراحةِ الفكر والجسد.
فعسى صيف لبنان هذا الصيف،
يكون نسخة أخرى عن ذاك الإعلان قبل ثمانين عاماً،
ويَمُرُّ صيفُنا هانئاً جذّاباً
لا يُعَكِّرُهُ صِدامٌ سياسي،
ولا يُفْسِدُهُ جَـوٌّ أمني،
فيظلّ لبنانُ غيرُ السياسي،
كما جاء في ذاك الإعلان غير السياسي:
“جنة الله في الشرق”
أمس واليوم وكلَّ يوم.