الكلمة الأَحَبّ
ما الكلمة؟ مُجرَّد حروف؟ مضمونٌ ذو مدلول؟ شكلٌ ذو جمال؟ رمزيةٌ ذاتُ دلالة؟
للكلمة موقعٌ في الذات هو غيرُهُ في السوى. ترتبط بقارئها أو قائلها ارتباطاً ذا علاقة خاصة بأسباب ذاتية تختلف بين شخص وآخر.
كلمةٌ معيّنة بالذات: ماذا تعني لك؟ بِمَ توحي إليك؟ لماذا استخدامك إياها أكثر من سواها؟ لماذا تتكرّر في كتاباتك؟
هذه السلسلة: “الكلمة الأَحَبّ”، أسئلةٌ نطرحها على المعنيّين بالكلمة كي نصل الى خلاصة تحليلية عن اللغة ومدلول اللغة و”لغات اللغة” انطلاقاً من الوحدة الأولى الأساسية التي هي الكلمة.
بعد ستة وأربعين جواباً من وليد غلمية وعبدالله نعمان وإملي نصرالله وأمين ألبرت الريحاني وجوزف أبي ضاهر وسلوى السنيورة بعاصيري وجوزف جبرا وزهيدة درويش جبور ومي منسّى وهدى النعماني وغالب غانم ومحمد بعلبكي وهشام جارودي وألكسندر نجار وجورجيت جبارة وغازي قهوجي وسمير عطالله وإلهام كلاّب البساط وأنطوان مسرّة وفاديا كيوان وريمون جبارة وسلوى الخليل الأمين وندى عيد وهنري العويط ومنير أبو دبس وندى الحاج ونجوى نصر وهناء الصمدي نعمان ووردة زامل ونُهاد نوفل وكريستيان أُوسّي وفؤاد الترك وشوقي بزيع وأسعد مخول وإيلي مارون خليل وجورج كلاس ومفيد مسوح ومحمد علي شمس الدين ومنيف موسى وسهيل مطر وجورج سكاف ومروان فارس وإميل كبا وهيام ملاّط وعصام كرم وعمر حلبلب، هنا الجواب السابع والأربعون من الوزير السابق المحامي الياس حنا.
هنري زغيب
email@old.henrizoghaib.com
__________________________________________
______________________________________________
________________________________________________
47) الياس حنّا : العدالة
الأربعاء 25 أيار 2011
الكلمةُ الأَحَبّ هي التي تشتهيها، وتنتظرها بشوق، وتتلهّف للقائها، وتأسف لغيابها.
لذا فـ”العدالة” كلمتي الأَحَبّ هذه الأيام، لأنني أشتهيها، وأنتظرها بشوق، وأتلهف للقائها، وآسف لغيابها.
العدل في البدء: إحساس داخلي، واطمئنان الى المساواة واحترام الحقوق وعدم التعدي عليها. إنه تعادل وتوازٍ بين الحقوق والواجبات فلا يطغى مفهوم على آخر.
العدل من أسماء الله الحسنى لأنه سبحانه لا يميل به الهوى فيجور في الحكم. لذا كان العدلُ هو الحُكمَ بالحق. والعدل من الناس هو المرضيّ قوله وحكمه.
والعدل إحساس: كيف يتحقّق، كيف يوزّع، كيف يعطيك الإحساس بالاطمئنان والمساواة ويقصي عنك الإحساس بالجور والظلم والتعدي؟ الدور عند الدولة وفي سلطان القضاء. وانطلاقاً من أن “العدل أساس الملك” كان صاحب السلطان يظهر أمام الناس أنه الحاكم العادل. كان توطيد السلم يسبق همّ الإدارة. وكان تحقيق العدالة يفوق تشريع القوانين مرتبة، والإنصاف يسمو أحياناً على قوة النص كما نعهده في التحكيم المطلق.
السلطة القضائية (إحدى سلطات ثلاث تقوم عليها الدولة في الأنظمة الديمقراطية) هي المختصة أساساً بتوزيع العدالة بين الناس، وتأمين المساواة، ورفع الظلم، وإعطاء الحق، وردع التعدّي، وإنزال العقاب. ولا عدالة إلا باستقلالٍ للسلطة القضائية لا يصحّ إلا بتأمين الاستقلال المالي، وتحرير الإنفاق على المرفق القضائي من طغيان السلطة التنفيذية، وتقليص دور هذه في التعيينات والمناقلات القضائية، وتعميم انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى على جميع الفئات القضائية كما المطبّق اليوم عندنا في محكمة التمييز، وتقليص شكاوى التأخر في فصل القضايا العالقة والتطويل في أمد المحاكمة، من بتّ وضع الموقوفين، ومن إطفاء صرخة المساجين، وطويلة قائمة مطالب الإصلاح القضائي، وعلى رأسها مطالب القضاة أنفسهم.
“العدالة” كلمتي الأَحبّ، لا حلماً أو مشتهى فحسب، بل واقعاً نحسّه ونلمسه، ومثالاً نحتذيه، وتقرّباً من العزّة الإلهية. فقضاء الشيء أحكامه وإمضاؤه، والفراغ منه يكون بمعنى الخلق. عندها يتشارك القاضي مع الباري في القضاء في إحقاق الحق، أي في العدالة التي هي “الكلمة الأحبّ”.
________________________________________________
*) الأربعاء المقبل- الحلقة الثامنة والأربعون: الوزير إدمون رزق