ولكن… أين لبنان ؟؟
السبت 21 أيار 2011
بوينس آيرس – الأرجنتين – 694 –
بعد “بيروت عاصمة عالَمية للكتاب” هي ذي بوينس آيرس عاصمته لهذا العام.
وكما أزهرت في بيروت 2009-2010 أنشطة عدة، كذلك عاصمة الأرجنتين 2011.
بين أبرز ما شاهدْتُه: “برج بابل كُتُباً”، تَيَمُّناً بـ”مكتبة بابل” – قصة قصيرة للكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخِيس (1899-1986) – يتصوَّر فيها العالم مكتبة كبيرة.
في هذا المنطق كانت فكرةُ النحاتة الأرجنتينية مارتا مينُوخين بناء “بُرج كُتُب من جميع آداب العالم في لغاتها الأَصلية”.
وارتفع بُرج لولبي في ساحة سان مارتن الكبرى (على جادة “سانتا فيه” الرئيسية في العاصمة الأرجنتينية)
مستقطباً كل يومٍ مَجاناً آلاف الزوّار (كل وفد من 25 زائراً معاً)
يرتقون طبقات البرج السبع بين الكتب المعلقة عن الجانبَين حتى علوّ 25 متراً،
يرافقهم تسجيل صوتي شارح، تتردَّد فيه عبارة “كتابٌ بجميع لغات العالم”.
بعد اتصالاتٍ طويلة لِجمع الكتب قامت بها هذه الفنانة الأشهر في الأرجنتين اليوم
(وهي من أبرز خمسة في العالم رواد الفنون الشعبية)
تمكّنت من جَمْع 30 ألف كتاب في هذا المعرض العمودي
دشّنه هرنان لومبادري (وزير الثقافة في حكومة مدينة بوينس آيرس)
منوّهاً بـ”أحد أبرز أنشطة العاصمة العالمية للكتاب،
ونعتَزُّ أن يكون على اسم بورخيس كاتب الأرجنتين الخالد”.
من شعارات هذا “البرج”:
1 – التعدُّدية في الخصوصية (جميع الكتب معروضة في لغاتها الأصلية)،
2 – التعرُّف على الجماعي المحلي انطلاقاً من المفرد المتعدّد المصادر،
3 – مغزى أن تَضُمَّ بوينس آيرس حضارات العالم عبر كتبها.
زوّار اليوم الأخير لـ”المعرض/البرج” (نهاية هذا الشهر)
يحقُّ لكل منهم اختيار كتاب وأخذه في اللغة التي يشاء،
وتمضي الكتب الباقية إلى وزارة الثقافة
كي تَتَفَهْرَسَ
وتكونَ “أول مجموعة متعدِّدة اللغات في العاصمة الأرجنتينية”،
في ما سيُسمّى “مكتبة بابل – تحيةً للثقافة والإبداع لدى شعوب العالم”،
كما أوضح وزير الثقافة في كلمة الافتتاح.
ونحن نغادر “البرج”،
طالعتْني على مدخله لافتةٌ عمودية زرقاء عاليةٌ،
عليها بالخط العريض لائحة بخمسين سفارة في بوينس آيرس أرسلت كتباً في لُغات بلدانها الأصلية،
من أربع جهات العالم،
بينها من العالم العربي: سفارتا المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
كان معي أُستاذ أكاديمي أرجنتيني
انتدبتْه لِمرافقتي “جامعة الثالث من فبراير”
وهي التي دعتني إلى بوينس آيرس لإلقاء مُحاضرة عن “دور لبنان الفكري في النهضة العربية”،
فبادرَني بالسؤال:
– “لِماذا لبنان لم يشارك في إرسال كتب بالعربية إلى هذا المعرض،
هو الذي سَبَقَنا بأن كانت عاصمتُه بيروت عاصمةً عالمية للكتاب قبل سنتَين”؟
كان سؤاله، بهذا الشكل، أوجع من أيّ جواب.