932: عيون مضيئة على بيروت… وقلوبٌ مُطفأة من حجر

الحلقة 932: عيون مضيئة على بيروت… وقلوبٌ مُطفأة من حجر
الأربعاء 18 آب 2010

تواصل بيروت إطلالاتِها البهيةَ على صفحات الصحافة الأجنبية في الصورة الأجمل.
بل هي لم تتوقف عن تلك الإطلالات كلّما زارها صحافي أجنبي وعاد منها بتحقيق يشير الى فرادتها الأعجوبية.
فبعد تحقيق في خمس صفحات من دُوْرانّ ڤينْيانْدو في الـ”نوڤِل أُوبسِرڤاتور” الفرنسية الكبرى (عدد الأُسبوع الماضي: 5-11 آب) بعنوان “بيروت: زوغة الحياة المتجددة”، وفيه رسمٌ مشرقٌ بالنص والكاميرا لبيروت التي “عادت إحدى أجمل منارات الوُجهات السياحية في الشرق الأَوسط” وتفاصيلُ صدّاحةٌ للحياة الليلية في بيروتَ الليل والسهر والحياة الهنيّة الفرحة السعيدة للُبنانيين وَلِهين بالعيش السعيد، طَلعَت علينا هذا الأُسبوع الصحيفةُ البريطانية الكبرى “فايننشل تايمز” بمقال للصحافي تايْلِر برْوليه بعنوان “أُنظروا الى المشعَّة بيروت”، ذكَرَ فيه بأنه يسعى منذ خمس سنوات الى مسكنٍ في المتوسط، فلم يجد أفضل من بيروت يَسكن فيها ويَترك بيته في زوريخ. وانعكسَت من قلمه بيروتُ أنيقةَ الضيافة جذّابةً سياحياً تُميِّز “هذا البلدَ المشعَّ على المفترق بين أوروپا وآسيا”، وأَنِسَ فيها الى حِرَفيّات يدوية لبنانية نادرة لا تزال تَشحذُها اليدُ اللبنانية الماهرةُ وتصقُلها بذوقٍ فريدٍ “دقيقةً، جميلةً نادرةَ المثيلات فيما تُصْدِرُها مُصَنَّعةً في دولٍ أخرى آلاتٌ إلكترونية حديثة”. ولفَتَتْهُ في الأثاث اللبناني تصاميمُ من خمسينات القرن الماضي لا تزال تُعاد في بيروت على الطراز الأصلي مَحفورةً يدوياً. وجذبَهُ إبداعُ تصاميمَ لبنانيةٍ تُنافس في ذوقها وتنفيذها ما تُنتِجه مصانع العالم الأول، يَبرع فيها حِرَفيُّون لبنانيون حاذقون يشكِّلون جاذباً سياحياً يرفع بيروت الى مكانة بارزة بين دُوَل المنطقة في إنتاج حِرَفيات أصلية يدوية الصنع والحرفة والذوق والبراعة الفردية.
هكذا: فيما تَتيه عيون اللبنانيين اليوم بين خطابٍ سياسي متشنّجٍ هنا، وآخرَ أكثرَ تشنُّجاً هناك، وفيما بيروت مِحورُ استقطاب الأقلام الأجنبية والزوار والسيّاح عرباً وأجانب: مدينةً فريدةَ الجاذبية بسحرٍ فريد، ما زالت تطالعنا تصاريح سياسيين يتنافسون على الصياح العالي الذي ينفِّر العالم من المجيء الى بيروت رمزِ لبنان ولُؤْلُؤَته الناصعة، ولا يتركون وسيلةً إلاّ وينشرون منها وفيها ما يهدّد صورة بيروت بأيدي أبنائها.
بيروت بعيون الآخرين منارةٌ سياحيةٌ مشرقةٌ سنيّة، تنتصرُ مِصداقيَّتُها الصحافية الخارجية على المِكذابية السياسية الداخلية التي صدَعَت بتصاريحها بعضَ موسمنا السياحي، لكنها، بيروت، ما زالت تتنَصَّع من جديد، لأن الحقيقة اللبنانية أقوى من المشوِّشين، ولأن الإنسانَ اللبناني، كَـزيتونه المبارك، سَيَظلُّ أكثرَ رُسوخاً فيه من الساعين الى اقتلاع الزيتون.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*