928: متى مسرحٌ واحدٌ لمهرجان الوطن؟

الحلقة 928: متى مسرحٌ واحدٌ لِمهرجان الوطن؟
الأربعاء 4 آب 2010

مع ازدهار موسم المهرجانات السياحية هذا الصيف، بين كُبرى مكرَّسة، ومهرجانات مناطقية، تلفت ظاهرةٌ مشتركة بينها، تتجلّى في تنوُّعها، وفي الإقبال المتزايد عليها عاماً بعد عام.
هذا التنوُّع تراوحَ بين الطرب والغناء المعاصر (المحلي والغربي) والجاز والبلوز والرقص والعزف والأداء المتنوِّع من كل حقل موسيقي وغنائي، ما جعل الإقبالَ عليها كثيفاً من كل اتّجاه سياسي.
السؤال الراهن: لماذا لا يَقبَل بعضُنا بعضاً بأفكار الآخر السياسية، مثلما يُقْبِل الجميع على المهرجانات في ذهنية اقتبالٍ ومشاركةٍ لا يفرِّق بين طياتها تشنُّجٌ، ولا يبدِّد اجتماعَها حضور؟
لماذا لا نتعلّم من الإقبال المشترَك على المسرح السياحي كيف يكون لدينا تَقَبُّلٌ للمسرح السياسي؟
اللبنانيون هذا الصيف يَجولون على المهرجانات من مسرحٍ الى مدرجٍ الى ساحة، يجمعهم مسرح المهرجان أنى يكن، فلماذا لا يَجمعُهم مسرح الوطن على التجمُّع في التفاهم والتفهُّم واقتبال فكرة الآخَر ومُحاورته، عوض التَمَتْرُس في معسكرٍ هنا مقابلَ معسكرٍ هناك، لأن زعيم هذا المعسكر اليوم هو في خصومة مع زعيم المعسكر هناك، ومرشَّحٌ غداً الى تبديل موقعه وتعديل تَحالفاته، فيضطرُّ جمهور هذا وذاك الى تبديل موقعه هو الآخر مُرْغَماً أو راضياً أو غير مقتنع، بينما الفريقان مَجموعَان معاً في حضور مهرجان سياحي؟
إن في حضور المهرجانات السياحية غنىً فكرياً وثَراءً ثقافياً وتنوُّعاً حضارياً يُقْبل عليه جمهورها في انفتاحٍ واقتبالٍ لو ينتقلان الى المشهد السياسي في الانفتاح نفسه والاقتبال ذاته لأعطى غنى وطنياً لا يعود معه سببٌ لتفرقةٍ على مستوى الزعامة السياسية ولا على مستوى القاعدة التابعة.
المهرجاناتُ السياحية في لبنان لها رسالةٌ فنيةٌ ظاهرةٌ، لكنّ لَها أيضاً رسالةً وطنيةً مُضْمَرَةً بِجعل الجمهور اللبناني واحداً في إقباله على مسرحِ المهرجان. فليتّعظ منها جمهورُنا مُقْبِلاً على مسرح الوطن فاعلاً لا متفرِّجاً بل مُشاركاً في هذا التنوع الفكري الموحد بأهدافه صوب بناء لبنان الآتي.
وإذا المهرجاناتُ السياحيةُ تَنَوُّعٌ في برامِجِها المحلية والعربية والأجنبية ونحن متفرجون، فلنكن فاعلين في مهرجان الوطن لا متفرِّجين، كي لا تكون عندنا سياسياً برامجُ مستورَدَة، بل برامجُ نُحَضِّرُها نَحن، ونَحضُرُها نَحن ونُشارك بها نَحن، بقادتنا وجمهورنا، فنكون فاعلين مشاركين لا متقبِّلين حياديين ما يأتينا من السوى.
فلْنَتَحَوَّلْ نَحن أسيادَ خشبة مسرحِنا السياسي، وكفانا نظلُّ متفرِّجين على برامجَ سياسيةٍ يفرضها علينا الخارج، ولا نكون نحن سوى… مشاهدين يصفِّقون.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*