الحلقة 868: مطر النجوم من قبَّة الفضاء
الأربعاء 23 كانون الأول 2009
بين أمس الثلثاء (في الثاني والعشرين) والثلثاء المقبل (في التاسع والعشرين من الشهر الحالي) يتوقّع علماء وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” مطراً من النيازك التي ستتشظّى في البعيد البعيد، في الأعالي الخاوية، فتنهمر شظاياها الجميلة من القبَّة العالية وترشُّ بساطها الجوي فوقَنا وِسْعَ فضاء الأرض، مُحْدثةً منظراً فريداً نادراً لا يَحْدُث إلاّ كلَّ قرن أو أكثر.
وتصدُف أن كان هذا العام 2009 “السنة الدولية للفلك”، وفيها حصلت ظواهر فلكية عدة، منها: خسوف الشمس في 26 كانون الثاني، تَعَطُّلُ المركبة الفضائية الى كوكب المريخ في 23 نيسان، إصلاح التلسكوپ العالمي الضخم في 18 أيار، نجاة ستة ملاحين فضائيين من كارثة محتّمة في 13 تموز، الاحتفال بالذكرى الأربعين لأول رحلة الى الفضاء في 20 تموز، خسوف جزئي آخر للشمس في 22 تموز، نزول آليّ على سطح القمر في 9 تشرين الأول، اكتشاف المياه على سطح القمر في 13 تشرين الثاني، ظهور نجوم جديدة على قبّة الفلك في 17 تشرين الثاني.
وها السنة الدولية للفلَك تختتم أيامها الأخيرة هذا الأُسبوع بـ”مطر النجوم” الذي سيظهر على سكان كوكب الأرض من القبَّة التي تلبسها الأرض قبَّعةً لَها منذ ملايين السنين.
ويقدّر علماء “ناسا” أن تَشَظّي النجوم، وهو يتزايد كَمّاً وأشكالاً سنة بعد سنة، قد يبلغ هذا الأسبوع بين 120 و160 نيزكاً في الساعة، ما تتوقّع له مجلات الفضاء الأميركية نحو ثلاثة نيازك في الدقيقة الواحدة. وذكرَت نشرة “ناسا” للأسبوع الماضي أن سكّان الصين وأندونيسيا حجزوا مقاعدهم في الأماكن الوسيعة المخصصة لمتابعة مطر النجوم، لأن التقديرات ترجّح أن يروا، وبدون أية مكبِّرات أو نواضير، تَشَظِّي 300 نيزك في الساعة الواحدة، مما يخلق في فضاء البلدين منظراً لن يتكرّر في الحياة. وبناءً على نصائح “ناسا” تم اختيار مناطق تلك المقاعد في بقع مظلمة جداً كي تبدو أنوار النجوم جلية وهي تتشظّى وتنهمر على فضاء الأرض شعاعاتٍ ملوّنةً جميلةً تَرُشُّها الطبيعة على أبصار الساهرين المنتظرين. ويقدّر علماء “ناسا” حجم تلك الشظايا بين حبة رمل عادية وصخر متوسط الاستدارة، لكنها جميعاً ملوّنةٌ بشُهُبٍ من نارٍ جميلةِ المنظر والشكل وهي تنفجر معاً وتنهمل في الفضاء.
وفي مناسبة السنة العالمية للفلك 2009، دعت الأمم المتحدة الى احتفالات جرت في بعض الدول بمرور 400 سنة على اختراع غاليليو التلسكوپ، و400 سنة على صدور كتاب يوهان كيپلر سنة 1609 في 650 صفحة عن تحركات كوكب المريخ.
ورجّح علماء “ناسا”أن يتمكن سكّان الأرض ليل الثلثاء المقبل في التاسع والعشرين من الجاري، أي عشية العام الجديد، من رؤية قمرٍ فضيٍّ فيروزيّ أزرق يظهر بين تشظّيات النجوم، فيكون اكتمل البدر مرتين في الشهر الواحد بين أوله وآخره.
هكذا تَحتفي الطبيعة، على طريقتها، بالعام الجديد، فتقدّم لأهل الأرض مَطَراً من نُجومٍ ينهمل عليهم جَمالاً يذكّرهم بأنهم أبناءُ هذه الطبيعة، وأن يُحافظوا عليها ويَحفظوها كنْزاً من جمالٍ وسعادةٍ لن تَهنأ لَهُم بدونه حياةٌ على كوكب الأرض.