825: كي نكون جديرين بصيف لبنان

الحلقة 825 : كي نكون جديرين بصيف لبنان
الأحد 26 تـموز 2009

بعد كوكبة مَجلاتٍ وصحفٍ عالمية كبرى أفردَت مساحاتٍ مهمةً للبنان السياحة والجمال، وُجْهةً تُغري بقَصْدها واختبارِها طبيعةً ومعالِمَ ومواقعَ وبيئةً صحيةً سليمة، ها هي الأُسبوعية الفرنسية الكبرى “پاري ماتش” تُخصص في عددها هذا الأُسبوع أربعَ صفحاتٍ كاملة للبنان: صُوَراً جذّابةً ودعوةً مغريةً لزيارة لبنان هذا الصيف واختبار لبنانيّة السياحة فيه والجمال من كل منبع.
وإنه هكذا لبنان، هذا الصيف: آلاف الآلاف يتوافدون إليه جواً وبراً ليحوّلوا صيفه زوغةَ سياحٍ وزوار من كل جِهة ووُجهة، جاعلينه ضوءاً مغايراً جميلاً في هذه المنطقة من العالم.
وجاء تقدُّمُ مغارة جعيتا إلى التصفية النهائية ليُبرز لبنان مرشَّحاً فعلياً أن يكون حاضناً إحدى عجائب الدنيا الطبيعية السبع، كما هو حاضنٌ هذه السنة بيروتَهُ عاصمةً عالَميّة للكتاب، بِما في روزنامة أنشطتها من فورة أعمالٍ صدرَت وتَصدر جاعلةً بيروت موئلَ حركةٍ ثقافيةٍ كبرى: كُتُباً وأعمالاً من كل نوعٍ جاذب إلى إبداع لبنان. وهي ذي مهرجانات لبنان هذا الصيف، وليالي مُدُنه وبلداته ومصايفه وقراه، عرسٌ يوميٌّ للفن العالي والفنانين الكبار من كل جنسيةٍ وبلاد.
هذه الظاهرة الزاهرة اليوم في لبنان، بعد صدمات قصَمت نَفَسَهُ صيفَين أَسبَقَين، تَجعل لبنان يستعيدُ ديناميةً ليست جديدةً عليه، هو الذي كان صيفه في فتراتٍ سابقةٍ مهرجانَ جمال، تكرِّسُه حاجةً وضرورةً ووُجهةً لا تتبدّل، في استقبال سياحه وزواره وأبنائه المنتشرين العائدين صيفاً إليه من كل صقْع في العالم.
أمام هذه الظاهرة الكلية، تتضاءل التفاصيل، وتبدو نافرةً سلبيةً مواقفُ تصدر عمَّن لا يرون الكلّ الإيجابي الملوّن ويلومون الجزء التفصيلي السلبي من زحمة سير أو حال طرقات أو غلاء أسعار أو بعضٍ من سلوك، ما يُفسد على الكلّ أحقّية كونه كلاً يستقطب الآلاف إلى لبنان ويَجذب إليه الزوار والسياح وصحافة العالم الكبرى.
للبُنْيَة التحتيّة فُرصتُها في الاستعادة والتأهيل، وللسلوك فُرصتُه كي يتبلور ويتأقلم مع ما يَجب أنْ، مثلما يَجبُ أن، ولبعض الشواذّ فُرصتُه كي ينضبطَ في اتّجاهٍ لا إلى خلَل، لكنّ الأساس موجود، الأصل موجود، الأهمّ موجود، وهو أنّ لبنان عاد إلى مكانه ومكانته وإمكاناته في أن يكون صيفُه مساحةَ فرح ملوَّنةً لأهله وزواره وسياحه وصحافة العالم. وبِهذه العودة الصيفية يُمهّد في سرعةٍ ليعود وطنَ السياحة المستدامة، أي سياحةِ الفصول الأربعة، ويعود، كما كان، وُجهةً عالَمية فريدةً تَجمع شرقاً بغرب، سيّاحاً بأهلٍ وزوار، وجذْباً استثنائياً نعرف ماذا يَستلزم من تأهيلٍ واستصلاح، لكننا نعرف أيضاً أن الطريق إليهما ليس مُهمَلاً، وإن احتاج بعضاً من وقتٍ طبيعيٍّ كي تكون طريق مرافقه على مستوى عالمي.
ولن يقصِّر لبنان عن بلوغ هذا المستوى في كل حقل وميدان. فلنكنْ إيْجابيين في التعاطي مع عودة لبنان إلى أمسه الرائع، كي نستحقَّ أن نَنعَمَ بِما نستحقّه نحن كي نكون أبناء لبنان.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*