الحلقة 780: … وللبنان تَميمَتُه الجديدة على اسم الأرز
الأحد 15 شباط 2009
يَذكُر لبنانيُّو الستّينات والسبعينات، خلال العرض العسكري يوم الاستقلال، كيف كانت عنزَةٌ تتصدَّر العرض أمام الجنود. وكانت تلك تَميمَةً ترمز الى الفأل السعيد.
وهي هذه رموزية التميمة (أو “الماسكوت” التي في أساسها “جَلاَّبة السعد”) ورمزُها قد يكون حيواناً أو شخصاً أو لعبةَ قش أو قماش تصبح شعاراً مشهوراً لِحدَثٍ أو مؤسسةٍ أو مدرسةٍ أو فريقٍ رياضي أو شركةٍ أو فرقةٍ عسكرية أو ماركةٍ تجارية.
لفظياً: كلمة “ماسكوت” مشتقّة من اللغة الأوكسيتانية (أوكسيتانيا منطقة تشمل جنوب فرنسا، وفيها أمارة موناكو، وبقعاً حدودية من إيطاليا وإسبانيا) وتعني “الساحرة”، وفي اللغة البرتغالية تعني “الرُّقْيَة” أو “التعويذة السحرية” أو “الحجاب”.
تاريخياً: اشتُهرت كلمة “ماسكوت” سنة 1880 عند ظهور أوپريت “لا ماسكوت” للمؤلف الموسيقي الفرنسي إدمون أودران (1842-1901)، وهي نَجحت كثيراً فأخذت ترجماتُها الى لغات أخرى تَشهَرُ كلمة “ماسكوت” رمزَ شخص أو حيوان أو لعبة أو شخصية خرافية تؤخذ على أنَها “جلاَّبة حظ”. وانتشرت لاحقاً، وحتى اليوم، كـ”تَميمة” باتت ملازمةً أحداثاً كثيرةً، منها الألعاب الأولمپية التي راحت، كل أربع سنوات، تتّخذ تَميمةً مُختلفة كل دورة شتوية منذ الدورة العاشرة في غرونوبل (فرنسا) عام 1968، وتَميمةً مُختلفة كلّ دورة صيفية منذ دورة ميونيخ عام 1972.
في هذا السياق، كان من “اللجنة الوطنية اللبنانية للألعاب الفرنكوفونية” (التي ستجري دورتُها الدولية السادسة هذا العام في لبنان ويشارك فيها متبارون من 48 دولة) أن أجرت مسابقةً لإعطاء اسم لتميمة هي دمية خيالية بشكل طائرِ فينيق، فكان الاسم الفائز لِهذه التميمة هو “Cedrus” (أي الأرز باللغة اللاتينية، وأرز لبنان باللاتينية هو “Cedrus Libani”). وهذا تَمَسُّكٌ بالأرزة اللبنانية رمزِ عَلَمِنا، أن يعطي الفائز اسم “Cedrus” لتميمة لبنانية بشكل طائرِ فينيقٍ ذي أَلوانٍ جَميلةٍ، سيستقبلُ المشاركينَ الى دورة الألعاب الفرنكوفونية في لبنان. ويؤكِّد هذا التمسُّك بالأرزة شهرةَ وطننا منذ “نشيد الأناشيد” في الكتاب المقدس الذي وردَت فيه عبارة “… وارتفَعَت كالأرز في لبنان”، وبعدها عبارة “هلُمي معي أيتها العروس من أفياء الأرز في لبنان، … عَرْفُ ثيابِكِ عَطِرٌ كأرز لبنان”.
وتَميمةُ “Cedrus” تذهب فوراً الى ذاكرة جماعية عن الأرزة، تعني الشموخ والعزّة والْهَيبَة والعراقة في الزمان، ما يَجعل تَميمةَ لبنان للألعاب الفرنكوفونية ذات معنَيَيْن ثقافي وجسدي طالما في هذه الألعاب مباريات رياضيةٌ جسديةٌ وأخرى رياضيّة ذهنيةٌ ثقافية.
وإذا التميمةُ تَحمل غالباً اسم أرنبٍ أو هِرٍّ أو كلبٍ أو أيةِ لعبةٍ حياديَة الاسم، فتَميمةُ لبنان “Cedrus” (حين سينتشر اسمها في العالم لدورة لبنان في الألعاب الفرنكوفونية هذا العام) لن يكون اسماً حيادياً لِحيوانٍ أليفٍ أو لُعبةٍ حيادية تصلح لأي بلَد، بل سيكون الاسمُ ذا معنىً واضحٍ مباشِرٍ لا يُمكن أن يَصُحَّ إلاّ للأرز الذي هو معنى لبنان، وشعارُ لبنان، ورمزُ لبنان.
بورِكَ الأرزُ الذي، كلما تعتَّق في الزمان، يُشرق جديداً خالداً في رمزِهِ الذي، في كلّ العالم، لا يعني إلا أرزَ لبنان.
ألا طوبى لِهذا الأرز الرائع!
ومعَه، من أجلنا ومن أجل أجيالنا الآتية: طوبى لِـلُبنان.