779: عيد العشاق بين طهارة الحب والاستغلال التجاري

الحلقة 779: عيد العشاق بين طهارة الحب والاستغلال التجاري
الأربعاء 11 شباط 2009

في نهاية هذا الأُسبوع يطلُّ علينا عيد العشاق (مع أنه في لبنان بات ملازماً لفاجعةٍ هزّت الوطن في 14 شباط ولا تزال تَهُزُّه، وغيَّرت في عصب تاريخه الحديث).
غير أنّ هذا العيد (الذي تَحتفل به دول كثيرةٌ في العالَم) يفقد معناه الروحيّ كلما اقترب، ويسقط في التجارة والاستهلاك حين يَحِلّ.
وانطلاقاً من أساس هذا العيد، وأسطورته عن عاشق صدمته حبيبتُه وهجرتْه فطعن صدره بالسكين وأخرج قلبه الدامي وأرسله إليها عربون وفائه لها مدى العمر، صيغت حول الأُسطورة قصص وأُطر بدأت من رمز القلب الأحمر، الى الورد الأحمر، فالبطاقات البريدية الحمراء، فالشرائط الحمراء، فهدايا تَحمل رمز الأحمر، عدا علب الشوكولا الحمراء والبالونات الحمراء والأزهار الحمراء وعلب الجواهر الحمراء والكلمات العاطفية المطرزة بالألوان الحمراء، وجميعُها تنحو الى استهلاك تِجاري استلّ من العيد جوهرَه، جوهر الحب الكبير، والوله الكبير، والشغف الجامح الى عاصفة العاطفة التي لا الى حدود.
غير أن تلك المظاهر تُفسد جوهر المناسبة، وتُتَجْرِنُ الذكرى وتسلِّعُها، فلا تَخدم الذكرى إلاّ أصحابَ المحالّ التجارية ومصانع ومؤسسات تستغلّ العيد كي تسوّق أو تسلّع أو تبيع.
جوهر هذا العيد: تَجديد الحب في قلب العاشقَين، انطواءٌ تأَمُّلِيٌّ على الذات الجوانية، دخولٌ الى القلب من حيث هو نبعُ الحب، حوارٌ بعضُه ذاتِيٌّ صامتٌ وبعضُهُ الآخر هامسٌ الى العاشق أو المعشوق، حتى يتجدَّد الحبُّ في لَحظةٍ من الدفء العاطفيّ الذي لا يَقوى عليه زمنٌ، ولا يتوقَّف عند حيثيات.
ومتى كان الحبُّ نابعاً من الصدق، والقناعة، والإيمان بالآخر، مهما اشتدَّت حوله عواصف، ونشبَتْ دونَهُ معوِّقات، وانتصبَت حواجزُ من أيِّ نوع، يبقى الحبُّ ضالعاً في القلب، مغروزاً في اللحظة، طالعاً من نبضة الشعر التي لا تُخطئ لأنها طالعةٌ من قلب صادق لا يُخطئ، وتبقى نَجمةُ الحبّ هي النجمةَ الوحيدة في سماء القلب، لا شريكةَ لها في وساعَةَ المدى، في كلِّ لَحظةٍ من العمر حتى آخر العمر.
عيدُ العشاق؟ يكون هكذا: تَجديد وفاءٍ وولاء، أو لا يكون.
بعد هذا، تنكسرُ الهدايا، وتذبلُ الزهور، وتبقى وحدَها نَهدةُ القلب حيَّةً نابضةً لا تنكسر ولا تذبل.
تبقى، برغم جميع العوائق، هي التي تَحدو بالحبيبة النقية الطاهرة الى الإيمان بِحبيبها المجنون بِها، حتى يظلَّ يستاهلُها ويستحقُّ أن تقول له:
كمْ أنتَ أنتَ !!! جُمُوحٌ عاصِفٌ!!! وَلَـهٌ رَجٌّ !!! فـكُلُّ كِياني زَلْزَلٌ… نَفِرُ
عِـبْءٌ غِيابُكَ في قلبي، وَيعْصِـفُ بِـي وعِندَ مَلقـاكَ، يَسْتَقْوِي بِيَ الْخَفَرُ

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*