الحلقة 729: إردع الوقاحات الليلية… يا وزيرالداخلية
الأربعاء 20 آب 2008
ما زلنا نُصِرُّ على اعتبار وزير الداخلية الجديد، الشاب الواعد كثيراً زياد بارود، أملاً للبنان الجديد في التعاطي مع شؤون الداخلية والبلديات وشجون الانتخابات.
وندرك تَماماً همومه الأمنية الملحّة والداهمة والطارئة، وتَحَفُّزَهُ المتوثب دائماً لكل مفاجأة أمنية في غير المتوقع .
لكننا ندرك أيضاً (ومعاليه يدرك معنا بل أكثر منا) أنّ في البلاد شؤوناً داخلية ليست خطرة ومصيرية، لكنها تشكل سَحْقاً يومياً لأعصاب المواطنين والزوار والمغتربين بيننا والسياح، ومعالجتُها لا تنتظر الانتهاء من معالجة الشؤون الأمنية والعسكرية الطارئة والداهمة.
من هذه الشؤون التي باتت جَلْداً يومياً، وقاحتان: الزعيقُ الليليُّ من المطاعم والمقاهي والبيوت، والانفجاراتُ الليلية في سماء الوطن من الأسهم النارية في الأعراس والاحتفالات.
فالمقاهي والمطاعم لا يَحلو لها عيشٌ واستقطابُ الرواد إلاّ إذا أطلقَت زعيق مكبرات الصوت فيها حتى أعلى درجة، مرسِلَةً جعير المطربين وسعير المطربات، في أغانٍ يغلب عليها ضربُ الطبول وقرقعةُ الدربكّات وصداعُ الدفوف، بأصواتٍ عالية تُزعج رواد المطعم والمقهى، وتُقلقُ أهل الحيّ، ساهرين أو نياماً، وتبقى زاعقةً مزعجةً وقحة حتى ساعات الصباح الأولى.
والأسهمُ الناريةُ في الأعراس والاحتفالات لا يحلو لذويها إطلاقُها إلاّ بعد منتصف الليل، والناس نيام، والأطفال نيام، والمرضى نيام، والعُجَّزُ نيام، فينهضون جميعهم مرعوبين خائفين، أو أقلَّهُ منْزعجين غاضبين، لاعنين دولةً لا تُنقذُ شعبها من إزعاج هذه الوقاحات.
فيا صديقنا الحبيب وزير الداخلية،
يشعر المواطنون بأنْ لا رادعَ من الدولة لِهؤلاء المزعجين مسبِّبِي تلك الوقاحات.
ويشعر المواطنون بأنّ رجال الأمن، المولَجين حفظَ الأمن، لا يقومون بواجبهم كما يَجب، أو هم يتغاضَون عن القيام به لقاء “إغراءٍ ما” لـ”غضَّة الطرْف”.
ويشعر المواطنون أنّ قرارات وزير الداخلية والمحافظين والقائمقامين لا يطبِّقها المعنيون بِها، فتبقى القراراتُ حبراً عقيماً على ورق عقيم.
المطلوب ردعٌ قاسٍ صارمٌ، يا وزير الداخلية.
المطلوب تطبيقٌ ميدانِيٌّ فوريٌّ، يا وزير الداخلية.
المواطنون يريدون أن يناموا، يا وزير الداخلية.
والمواطنون سيحفظون لكَ، في هذه العشرة الأشهر المقبلة، أنك ردَعت الوقاحات الليلية، يا وزير الداخلية.
إن في شعبنا وَقِحين لا يردَعُهم قرارٌ، ولا يُخيفُهم رجل أمن، ولا تَهمُّهم راحة الناس. ما يردعُهم ويُخيفهم: إجراءٌ صارمٌ قاسٍ موجعٌ، يا وزير الداخلية، تُطَبِّقُه في واحدٍ منهم، وتنشُره وسائل الاعلام فيرتدعُ به الباقون.
ولكن، انتبه يا معالي وزير الداخلية، الطيب القلب، الأبيض الطوية: إنتبه من هذا الذي سَتُطَبِّقُ الإجراءَ عليه، ألاَّ يكونَ مدعوماً أو مَحمياً من واحدٍ عتريس أَشْوَس بين زملائك في الحكم، أو واحدٍ من جماعة… “بيت بو سياسة”.