716: بين التبئيس والتيئيس

الحلقة 716: بين التبئيس والتيئيس
الأحد 6 تَموز 2008

يقف المواطن اللبناني العادي اليوم على الحد الفاصل بين الغضب الواعي والجنون اللامُراعي.
ويسمع المواطن اللبناني العادي اليوم زعماءه السياسيين يدْعون إلى التعجيل في تشكيل الحكومة، كأنّ من يشكّلُها، أو يعرقلُ تشكيلَها، أشخاصٌ من كوكب آخر خارج هذا الطقم السياسي.
ويسمع المواطن اللبناني العادي اليوم زعماءه الدينيين يستعجلون تشكيل الحكومة ويكّرون ذلك في الكنائس والمساجد والخطب والمواعظ، ثم يَختمون سائلين الله أن يُلهم المسؤولين، فيسأل المواطن: أية سلطة لهم إذاً على السياسيين طالَما هم رؤساء طوائف هؤلاء السياسيين، وعوض أن يُلزموهم أو يَجمعوهم، يلجأُون سائلين الله كي يُلهمهم؟
ويسمع المواطن اللبناني العادي اليوم السياسيين من كل فريق، يدْعون إلى الحوار الوطني والمصلحة الوطنية والصالح العام ورغيف المواطن، فيسأل المواطن اللبناني العادي: إذاً من هو المسؤول عن عدم التلاقي والحوار وإنقاذ رغيف المواطن، طالَما هؤلاء وأولئك يدعون إلى الأمر نفسه؟
ويسمع المواطن اللبناني العادي اليوم هذا الفريقَ يتّهم ذاك، وذاك يتّهم ذلك، وذلك يتّهم ذيّالك، وذيالك يتّهم الآخر، والآخر يتّهم الآخرين، وليس من يتحرك إلاّ الوطن الذي يتحرك صوب البؤس واليأس، والسياسيون آخذون وقتَهم في زيادة البؤس تَبْئيساً، واليأس تيئيساً، فيتذكّر المواطن اللبناني العادي عنوان مسرحية ليعقوب الشدراوي: “روحوا العبوا يا ولاد”.
ويسمع المواطن اللبناني العادي اليوم السياسيين يتبارون في التكهُّن بقرب تشكيل الحكومة في الساعات المقبلة أو الأيام المقبلة وتمضي الساعات وتُدبر، وتمضي الأيام وتُدبر، ولا تتشكّل الحكومة، فيسأل المواطن اللبناني العادي: أين مصداقية هؤلاء السياسيين وأين جديتهم طالما القرار ليس في يدهم ولا يملكون إلاّ تصاريح كلامية إعلامية لا مصداقية فيها ولا جدية ولا حتى مهنية سياسية؟
ويسمع المواطن اللبناني العادي اليوم وُعود السياسيين الهوائية، وتنظيراتهم الهوائية، وتوقعاتهم الهوائية التي لا يصح منها شيء، ويأخذون كلّ وقتهم في التنظير والعرقلة غير مستعجلين، فيما الأسعار في البلد مستعجلة في الارتفاع: خبزاً وبنْزيناً ومواد غذائية.
ويسأل المواطن اللبناني العادي اليوم: هؤلاء السياسيون، كيف ولّيناهم أمور الوطن فأخذوا الوطن وأخذونا إلى الانهيار؟
ويسأل المواطن اللبناني العادي اليوم: هؤلاء السياسيون، شو عميعملو؟ فيجيبهم الواقع اليومي المعيشي: الأمر الوحيد الذي يعملونه أنه ينقلون الوطن من حالة اليأس إلى زيادة التيئيس، وينقلون المواطن من حالة البؤس إلى زيادة التبئيس.
وبين التيئيس والتبئيس يقف المواطن اللبناني العادي اليوم على الحد الفاصل بين الغضب الواعي والجنون اللامُراعي، ويبحث عن مُنقذٍ فلا يَجد منقذاً إلاً واحداً أوحدَ وحيداً هو صوت عميق يطلع من داخله يصرخ فيه: “أمامكَ حلٌّ واحدٌ أوحدُ وحيدٌ يُطيح هذا الطقم السياسي، هو أقوى سلطةٍ لك في المحاسبة، وهو بشكل ورقة في يدك، نَهار الانتخاب، في صندوقة الاقتراع”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*