الحلقة 715 : 96 سوسنة في عيد سعيد عقل
(الأربعاء 2 تموز 2008)
الجمعة، بَعد غدٍ، نَتحلَّق حوله (ككُلّ عام) نُشعِلُ معه، هذا العام، شَمعتَه السادسة والتسعين، ونفتَتح (في حضوره وبَسْمَتِه الأبويَّة الرضيّة) عامَه السابع والتسعين.
يا أيَّ طوبى لنا أن نعيشَ معه، لَحظاتٍ، لَحظاتِ اغتباطِه بِهذا العمْر الذي مَلأَهُ، وملأَنا به معه، لبناناً نَحمله إلى أبنائنا والأحفاد، وطناً غيرَ عاديٍّ بين الأوطان، وطناً أعطى العالَم ثُلْثَي حضارةٍ ما كانت لتكون كما هي تكون، لولا عطاءاتُ لبنان.
أَيُّ طوبى لنا أن نتحلَّق حوله، وهو يَغمُرُنا بِحبِّه الكبير الذي ما انفكَّ يُغدِقه علينا جيلاً بعد جيل، طلاباً وأصدقاءَ ومُريدين، وهو يَفيءُ علينا بِقامَتِه الأرزِيَّة المباركة، كشيخ الزمان يُبارك أولادَه ويُرسِلُهم في الزمان حاملين رسالةَ لبنان.
أَيُّ طوبى لنا، نتحلَّقُ حوله نَهار الجمعة، في عيده السادس والتسعين، ونُردِّد معه رباعيةً له، كأنْ وصيةً، تقول:
هكـذا أَبقى إذا خيَّرونِي: هَـكذا
كُلُّ نَفْحٍ عـارضٍ آخـذٌ عني شَذا
تَبْرُدُ الأَرضُ وبِي للعَصـافير جُذى
رَبِّ قُلْ: يا شَوكَهُ لا يَكُنْ فيكَ أذى
ونتعلَّم منه كيف يكون الطموح الذي لا إلى حدود، كما في خُماسيّته-الأُمثولة:
مبارِح شِفْت عَصفور شو مهْموك مْسَلْطِنْ وعَمْيُخْطُب ويتْجَلّى
يقِلُّو لإبنو: طِــير وتْعَلّى
فْتافيـــت خُبز قْلال بِيقَدُّوك بس السّما رح تِلْزَمَك كِلاّ
ونتعلَّم منه حُبَّ لبنان حتى الولَه الشغوف، كما في خُماسيّته-المدرسة:
بِتعلّمـو يـقرا الأعـمى دَسْ ويفهَم الأَبكم بِالوَما وما انْهان
شِلْح أرز بْـجِيرتَكْ غِوْيـان
رَبّي، سَماكْ الـ فوق حلوه، بَسْ ضَلَّك تْذَكَّـر شو حلو لبنان
نفيء إلى كَنَفِه، بعد غدٍ الجمعة، هَلِعين مِمّا يَمُرُّ به لبنان هذه الأيام، فَيُطَمْئِننا بِبَيتَين كافيين يعيدان إلينا الأمل:
لَوحْدَهم أهلُها أغْلى على كبِدي منها، كَـعينيَّ أغلى منهما البَصَرُ
وقال مِن خطَرٍ نَمضي إلى خطرٍ؟ ما هَـمّ، نَحنُ خُلِقْنا بيتُنا الخَطَرُ
بَعدَ غدٍ، الجمعة، الرابع من تَموز، عيدُه السادس والتسعون. بَرَكةٌ أنتِ يا شَمْسَ السادسة والتسعين.
بَعدَ غدٍ، الجمعة، الرابع من تَموز، نَفيءُ إليه، نَعنو لديه، نَتحلّق حوله، نَتعلَّم منه بَعد، بَعد، نَنهلُ لا نرتوي، نَبري مناقيدَنا على جِذْعه المُبارك، نتهَجَّأُ كيف يَكون الجبينُ اللبنانيُّ عالياً صوب الشمس، ونَحمِل إلى جبينِه العالي سِتاً وتسعين سوسنةً نَضفُر له بِها عيدَه السادسَ والتسعين.
سعيد عقل، مُعَلِّمَنا وأَبانا الرُّوحيّ: إننا… نُحبُّك.