الحلقة 681: نُجوم الـ”توك شو” بعدما يذوب الثلج
الأحد 2 آذار 2008
يتابع اللبنانيون يومياً برامج الـ”توك شو” السياسية على الشاشات أو من الإذاعات، ويلاحظون ضيوف هذه الـ”توك شُوَ”ات يَتَعَنْتَرُون وحدهم أو يُبارزون زملاءهم الضيوف: عيونُهم على أزلامهم، فكْرهم مُتَّجِه إلى مَحاسيبهم، وقاموسُهم موجَّهٌ إلى جماعاتِهم كي يكسَبوا قاعدتَهم، أو يُبقوا على قاعدتِهم، أو يزيدوا من قاعدتِهم. ويُحاولون، طبعاً، تبرئةَ ساحتهم من تُهَمٍ موجَّهةٍ إليهم، أو توضيحَ نقاطٍ يدّعُون أنّهم يطرحونَها من أجل “المواطنين الأحباء” أو يعملون عليها في سبيل “مصلحة الوطن العليا”.
كأنْ لَم يعُد في لبنان إلاّ هؤلاء الـ”توك شُوِ”يُّـون التبريريُّون العارضون مواقفَهم الشخصية أو الشخصانية، فيما لبنان يَفْرَغ من شبابه، وشرايينُ لبنان تَجِفُّ من يأسٍ وقنوطٍ وغضب، وشعبُ لبنان يُشيح عن وجوه الـ”توك شُوِ”يّـين وأسمائهم وأصواتِهم ومواقفهم. وأستثني هنا من الشعب مَن لا يزالون راضين بأن يكونوا حُبوباً في مسبحة هذا الزعيم، أو حطباً في موقدة ذاك القائد، أو قطعاناً أغناميّة تَهييصيّة وراء ذلك السياسي. ومعظمُ أتباع هذا السياسي أو ذاك، إنّما هُم أتباعُه نكايةً بِخصمه، أو انتقاماً من أعدائه، أو لفراغِ مَن يَحِلُّ مكانه، كأنَّ القاعدة الشعبية السياسية في لبنان قائِمةٌ على الفعل ورَدّة الفعل، أو على الكيدية الأخصامية، أو على غياب البديل، أو فراغ الخيار الآخر، أكثرَ مِما هي قائمةٌ على القناعة بِمواقف هذا السياسي أو ذاك، أو على الإيمان بعبقرية هذا السياسي أو ذاك في إنقاذ لبنان.
وما دام الأمر كذلك في القواعد الشعبية السياسية المتحركة: ببَّغاوياً قطعانياً بِحسَب اتّجاه زعيمها كيفما اتّجه وكيفما غَيَّر تَحالفاته من أخصامه أمس إلى حلفائه اليوم، أو من حلفائه أمس إلى أخصامه اليوم ويَنْجَرُّ وراءه أزلامُه ببغاوياً أغنامياً، فمبروكٌ هذا الطقمُ السياسي على أغنامٍ لا رأيَ لهم ولا صوت، وليحيَ الشعب اللبناني غيرُ المنتمي وغيرُ القطعانيّ وغير الببّغاويّ، فَهو وحده الخلاص، ووحده الحقيقة، ووحده فضيحةُ مَن سوف يذوبُ الثلج عنهم فتظهرُ حقيقةُ أنّهم استخدموا لبنان لوصولهم ولم يستخدموا وصولَهم لإيصال لبنان.
أيها الشعب اللبناني الحرُّ اللامُنتمي ببَّغاوياً إلى نُجوم الـ”توك شو”: إشْهَر انتماءك إلى لبنان اللبناني، فليس سواك يستاهل أن يكون، بشرفٍ وطهارة، شعب لبنان.