الحلقة 677: الفالق الزلزالي وَحَّدَهُم… فلماذا يُفَرِّقُهُم الفالق السياسي؟
الأحد 17 شباط 2008
حَمَلَت إلينا الأخبار، صباح أمس السبت، خروجَ مواطنين إلى العراء خوف تكرار هزة أرضية ضربت منطقة الجنوب ظهر الجمعة أمس الأول، فنام بعض المواطنين (ليلة الجمعة-السبت) في العراء مستدفئين بوسائل بدائية في خيام بدائية، يوحّدهم الخوف ويجمعهم القلق على عائلاتهم وأسرهم وأولادهم، بدون تفرقة بين التزام سياسي وانتماء حزبي.
ألا فليكُن هذا التوحُّد، أمس السبت وأمس الأول الجمعة، نموذجاً كي يتوحّد اللبنانيون في كلّ لبنان، لا خوفاً من الهزة الأرضية فقط، وقلقاً على عائلاتهم وأولادهم، بل قبل أن تقضي الهزة السياسية على البقية الباقية من اللبنانيين الباقين في بيوتهم وأحيائهم، وتفرِّقَ بينهم كلياً.
وإذا كان الفالق الزلزالي وحَّد اللبنانيين في النّزول إلى الشارع فريقاً واحداً في خيمةٍ واحدة في شارعٍ واحد في خوفٍ واحد، فلماذا يفرّقهم الفالق السياسي لينْزلوا إلى الشارع فريقين واحدُهُما ضد الآخر، في خيام يفصل بينها شريط حديدي أو شريط بشري من الجيش أو قوى الأمن الداخلي، وفي حقدٍ مسعورٍ، واحدُهُما في وجه الآخر، وفقَ ما حقنهم به السياسيون من هذا الفريق أو ذاك؟
وإذا كانت الهزة الأرضية واجهَها المواطنون في كل لبنان بِخوفٍ واحد وقلقٍ واحد واستدراكٍ واحد واحتياطٍ واحد، فلماذا الهزة السياسية تفرِّق اللبنانيين ولا توحِّدهم في خوفٍ واحد على الوطن، وقلقٍ واحد على مصير أبنائهم، واستدراكٍ واحد قبل انهيار الوطن، واحتياطٍ واحد ضد السياسيين الذين يوغِرُون صدور الناس ضدّ بعضهم بعضاً؟
وإذا كان تَهديدُ قيادة الطبيعة وحّد اللبنانيين فريقاً واحداً، لأخذ احتياطات البقاء، فلماذا تهديد القيادات السياسية، من هنا أو من هناك، يفرّقهم فلا يأخذون احتياطات الحياة، عوض أن ينصرفوا إلى تنفيذ أوامر أسيادهم بالتفرقة بين شارعٍ وشارع، وبين حَيٍّ وحَيّ، وبين تيارٍ وتيار، وبين عائلةٍ وعائلة، وبين فردٍ وفردٍ في قلب العائلة الواحدة، أو بين بيتٍ وبيتٍ في الحي الواحد، وبين شابٍ ورفيقِهِ في الشارع الواحد؟
الهزات السياسية لم تُعلّم اللبنانيين، بعد، وما زالوا متفرّقين؟؟؟ أَلاَ فلتُعَلِّمْهُمُ الهزة الأرضية أن يتوحَّدوا، ويظلُّوا موحَّدين من أجل لبنان اللبناني. فحين تقع الهزة الأرضية، عاليةً وفق ميزان ريختر، لن تُميِّز بين لبنانِيٍّ وآخر. فليفهم اللبنانيون أن الهزةَ السياسية، وفقَ ميزان “بيت بو سياسة”، ستكون مدمِّرةً أكثر من الهزة الأرضية، لأن الهزة الأرضية تُوحِّدهم في الاحتياط فينجُون، بينما الهزة السياسية تفرِّقهم في الشوارع فيسقطون، ولن تكون لهم بعدها قيامة.
وما أهونَ زلزالاً أرضياً يهزُّ فالقاً في الوطن، أمام زلزالٍ سياسي يدمّر شعباً كاملاً في كامل الوطن !!!