644: “لماذا الدراجات النارية خارج قانون السير؟”

الحلقة 644: “لماذا الدرّاجات النارية خارج قانون السير؟”
(الأحد 21 تشرين الأول 2007)

عند كتابتي حلقة الأحد الماضي: “حَذِّروا نساءَكم وبناتِكم من الدرّاجات النارية” لم أكن أتصوّر أن تندلع إذاعتُها بِهذه الأصداء التي انْهالت عليَّ نهارَئذٍ وبعده، اتصالاتٍ من مواطنين سَمِعوا بِحوادث نشل قام بها سائقو تلك الدراجات النارية، أو حوادث سير سببوها وسبّبوا بها وفاة مواطنين أو عطبهم أو جرحهم جراحاً بليغة.
هذه ظاهرة لم تعُد تطاق في شوارع بيروت الداخلية كما في شوارع المدن الرئيسة. ذلك أن هذه الشوارع باتت أشبه بـ”سيرْك” لهؤلاء الدراجين الـبلا أخلاق وبلا ضمير وبلا مسؤولية، يُمارسون عليها بَهلوانياتهم الخطرة بين المشاة والسيارات، فيرفعون درّاجاتهم في الهواء ويقودونَها على دولاب واحد، الدولاب الخلفي، بما في ذلك من خطر عليهم وعلى السيارات التي يمرون بينها، لأن أي وقوع لأيّ درّاج على أية سيارة، يسبب مشكلة لصاحب السيارة إن لم يسبب له ضرراً. ومنهم من يمرون زيكزاكياً بين السيارات من دون انتباه سائقي السيارات لهم وقد يصدمون أحدهم من دون انتباه لأن الدرّاجين يقفزون فجأة أمام السيارة، أو يعبرون التقاطعات على الضوء الأحمر، أو يتجاوزون إلى اليمين فيما يكون سائق السيارة ينعطف إلى اليمين موقناً أن ليست إلى يمينه سيارة فيصدم الدرّاج الذي ينط إلى يمينه من دون تنبيه ولا زمور. هذا عدا مرور الدراجين ليلاً في الشوارع، راعدين بدراجاتهم موقظين جميع النائمين في البيوت المحيطة.
ومعظم هؤلاء الدرّاجين يمرون كالدبابير البرية بين السيارات، من دون خُوَذٍ حديدية على رؤوسهم، وهذا خطر عليهم وعلى من قد يصدمهم من سائقي سيارات يقعون في بلوى المحاكم والتحقيقات وتضييع وقتهم بسبب دراج أرعن بلا أخلاق.
جميع هذه المشاكل وسواها (وأبرز هذا السوى نشل جزادين السيدات وإيقاعُهنَّ أرضاً وإيذائُهن) مشاكلُ لا يمكن أن تحصل لو يقوم رجال شرطة السير بواجباتهم، عوض أن يكونوا واقفين على نواصي الطرقات أو إلى جانبها، حياديين لا يوقفون الدراجات النارية المخالفة، أو هم يتلهَّون مع أصدقاء لهم تاركين السير يتشربك على التقاطعات، أو هم يدخّنون في وقت الخدمة، أو هم يتحدَّثون بهواتفهم الخلوية تاركين السير أمامهم في فوضى المرور وفي مقاربة خطر التصادم.
هنا يقفز السؤال الذي يسأله اليوم كلُّ مواطن كلَّ يوم: لماذا الدراجات النارية خارجة على قانون السير، لا يوقفها شرطيُّ سير، ولا يمنعها من المرور على الضوء الأحمر، ولا يوقفها لأن سائقيها يتجوّلون بدون خوذات حديدية على رؤوسهم. لا شيء. لا شيء مطلقاً. وهؤلاء الزعران الـبلا أخلاق يتجوّلون على درّاجاتهم بهلوانيين في الشوارع لا رادع لهم ولا قانون سير، ومعظمهم موظفو “دليفري” في المطاعم ويمكن تنبيه أصحاب المطاعم. لا شيء. لا شيء. لكأن هذه الغابة من الفوضى في شوارع بيروت كان ينقصها هؤلاء الزعران على الدراجات النارية لتزيد رعونتهم من الخطر على المواطنين المشاة وعلى أصحاب السيارات.
أيتها الدولة، إبدإي في أن تكوني دولة، بلملمة هؤلاء الزعران من شوارع بيروت.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*