630: بين التوافقي والتوفيقي ضاع المعيار الحقيقي

الحلقة 630: بين التوافقي والتوفيقي ضاع المعيار الحقيقي
(الأحد 2 أيلول 2007)
بين رئيسٍ توافقي أو رئيسٍ توفيقي، يقف اللبنانيّ العاديّ متسائلاً عن مصيره ومصير أولاده.
بين رئيسِ تسوية أو رئيسِ تزكية، يقف اللبنانيّ العاديّ متسائلاً عن مستقبل بلاده وعن مصيره في بلاده.
بين رئيسٍ من 14 آذار أو رئيسٍ من 8 آذار أو رئيسٍ من أيّ آذار أو أيّ شهرٍ آخر، يقف اللبنانيّ العاديّ متسائلاً عن صلاح هذا المعيار في قيادة الوطن إلى الخروج من هذا النفق القاتل قبل أن يتلاحم الفرقاء في عتمة النفق.
بين رئيسٍ مصلحٍ ورئيسٍ اصطلاحيّ، يقف اللبنانيّ العاديّ متسائلاً عن جدوى البحث حين البحثُ مفروض أو مقطوع.
بين رئيسٍ موظفٍ عند هؤلاء أو رئيسٍ موظفٍ عند أولئك، يقف اللبنانيّ العاديّ متسائلاً عن الدِّرْك الذي يبلغه الاستحقاق الرئاسي.
بين رئيسٍ يختاره النواب عن مرشحٍ آخر أو مرشحين آخرين، ورئيسٍ تطبُخُهُ الجهات في الكواليس ويهبِط على النواب والمواطنين بالمظلّة جاهزاً كاملَ الأوصاف الاتفاقية، يقف اللبنانيّ العاديّ متسائلاً: “هل نحن فعلاً في نظام ديمقراطي”؟
بين رئيسٍ يُهندسُ برنامَجاً رئاسياً مدروساً واقعياً غيرَ طوباويّ ولا تنظيريّ، ورئيس يصل إلى بعبدا لأنه حصيلةُ توافق أو اتفاق أو توفيق، أو حصيلةُ مبادرةٍ أو بادرةٍ أو تبادُر، أو حصيلةُ انتصارِ شروطٍ على شروط أخرى، أو حصيلةُ فرضٍ على رفع الأصابع في قاعة ساحة النجمة، يقفُ اللبنانيّ العاديّ متسائلاً: “أَإِلى هذا الحدّ لا نزال عشائر أو قبائل أو مزارع، نتلقى سيّد العشيرة يهبط علينا مفروضاً، أو كأننا في نظامٍ وراثيٍّ مَحكومٍ بترؤُّس أعضاء عشيرة النادي السياسي الذي هو هو يدير البلاد منذ عقود”؟
إنه المواطن اللبنانيّ العاديّ، يعود دائماً إلى البال ونَحنُ على أُهْبة هذا المنعطف الخطر الذي يَمُر به لبنان قبيل الاستحقاق الرئاسي بعد أسابيع.
المواطن اللبنانيّ العاديّ المُحايِد، الذي ليس في صفوف الأزلام والمحاسيب، ولا في صفوف المعيّشين والمهيِّصين وحاملي الصور والأعلام الحزبية والفئوية ويافطات “بالروح بالدم…”، ولا في صفوف الأغنام الذين هم أزلام لأصنام.
المواطن اللبنانيّ العاديّ الذي يهمّه رغيف الخبز لعائلته، ومقعد المدرسة لأولاده، ويَهمُّه أن لا يغادرَ ابنُهُ إلى دبي أو أبو ظبي أو قطر أو أفريقيا أو أستراليا أو كندا.
يغادر!!! هذا النّزفُ الرهيب في شرايين لبنان الشباب الذين هاجر القسم الأكبر منهم ولا يزال القسم الضئيل الباقي ينتظر الأسابيع القليلة المقبلة كي يُقَرِّرَ إن كان سيهاجر أيضاً، أم انَّ في الاستحقاق الرئاسي منقذاً يبشِّره بِمستقبلٍ له أفضلَ في لبنان، فلا يهاجر، بل على العكس: يعود معظمُ مَن هاجروا، عند ارتياحهم إلى رئيسٍ يوحي بالثقة في أنه سيعيد لبنان إلى لبنان.
بين رئيس توافقيّ ورئيس توفيقيّ، ضاع المعيار الحقيقيّ.
المعيارُ المعيارُ، يبقى: أيُّ رئيسٍ يكون رأْسُ إنْجازاته في الست السنوات المقبلة، أن يعيدَ دم الشباب إلى شرايين لبنان!!!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*