الحلقة 607: خطرٌ آخَر لِمتفجراتٍ من نوع آخر: المخدّرات
(الأربعاء 13 حزيران 2007)
بشكلٍ أو بآخر، في وقتٍ أو في آخر، بنتيجةٍ أو بأخرى، ستنتهي الحالة الحاضرة من الخلخلةِ الأمنية والخطرِ الجاثم على صدرِ لبنان من قراصنة ومسلحينَ ومخرّبين، ولا قلق لدينا طالما القوى العسكرية اللبنانية تقوم بالدفاع والهجوم والتخطيط والتنفيذ على أفضل ما يطَمْئِن المواطن اللبناني.
غير أنّ خطراً آخرَ متغلغلٌ في صفوف اللبنانيين، وخصوصاً الشباب منهم، هو خطر المخدِّرات. فعن تَجَمُّع “أُمّ النور” (للخدمات الاجتماعية والعناية بالمدمنين) أنّ أَعداد المدمنين على المخدّرات تُشير إلى انتشار هذا السرطان الخطير في جسم لبنان بشكل يهدِّد نسيجه العائلي والاجتماعي والديموغرافي.
وإذا كان هذا الخطرُ ينخر عادةً مُجتمعاتٍ تواجه ظروفاً صعبة ومعقّدة (كما الحالُ حالياً في لبنان) فمعالجة هذا الخطر يجب أن تكون أوسع وأقوى وأفعل، بعدما أخذت الإحصاءات تدلُّ على انتشار توزيع المخدِّرات، ثم بيعِها، في بيئات كانت حتى اليوم خاليةً من هذا السرطان، وها هي اليوم يكتشف المتنوِّرُون فيها أنّ بين شبابها من يتعاطَون المخدرات سراً، وتظهر على سيمائهم أو في تصرُّفاهم ظواهرُ غريبةٌ وسُلوكٌ شاذٌّ لم يكن الأهلُ يَجدون تبريراً أو تفسيراً لها، حتى تبيَّن لهم أن أولادهم يتعاطون المخدِّرات. وفي بعض البلدات اللبنانية انكشف الأمر واضحاً وتمكَّن المعنيُّون الأمنيون أو الأهليون من معرفة الأشخاص الذين تغلغلوا في المدارس والنوادي والجمعيات والأوساط الشبابية ليُغْرُوا التلامذة في سنٍّ مبكِّرة بتعاطي المخدِّرات، يقدّمونها لهم مجاناً في البداية، حتى إذا أنِسَ الشباب إلى الحالة التي ينتشُون بها وهم مُخدَّرون، أخذوا يشترونها بنقودهم الخاصة، ويزيدون من جرعاتها تدريجاً، حتى إذا تمكَّن منهم هذا السرطان، باتوا مدمنين، ويتطلَّبُون الجرعات أو الحقن من المخدرات، يريدونها بأية طريقة، بأية وسيلةٍ، بأي ثمن، وحتى إذا تمكَّن منهم المجرمون بائعو المخدرات، راحوا يبيعونهم إياها، ويبلغون ما هو أخطر: يُخدِّرونهم ويكلفونهم بأعمالٍ تَخريبية قد لا يقومون بها حين يكونون صاحين وفي وعيهم الكامل، فيضمن المجرمون تُجار المخدرات أولاً بيعَ بضاعتهم، وثانياً وهو الأخطر: ضمانَ قيام مَجموعاتنا الشبابية بأعمال تفجيرية أو تخريبية أو إجرامية تحت تأثير المخدرات، وإذا انكشف أمرهم يظهر أن من قاموا بهذه الأعمال الإجرامية لبنانيون ولا علاقة للغرباء بها.
بلى: الوضع الأمني الحالي ينتهي حين ينحسم الأمر، في وقت يطول أو يقصر، لكنَّ خطر المخدِّرات في صفوف أولادنا يبقى أخطرَ وأقسى وأشدَّ فتكاً في تفكيكِ مُجتمعِنا ونَخْر شبابنا وهدْم شخصيتِهم ومستقبلِهم.
فلنتجنَّد جميعُنا: مقالاتٍ صحافيةً، برامجَ إذاعيةً وتلفزيونية، هيئاتٍ وجمعياتٍ أهليةً ومدنية، حملاتِ توعيةٍ للأهل في ندوات ومحاضرات ولقاءات، وخصوصاً للأمهات اللواتي يلاحظن قبل الآباء سلوكَ أولادهنّ، كي نُخفِّف من انتشار هذا السرطان القاتل في صفوف أولادنا ومُجتمعنا، وكي نُنقذَ أولادَنا من براثنِ مُجرمين يقتلون شبابنا وبهم يقتلون قلب الوطن.