الحلقة 589: أيها المصلوب في يوم القيامة
(الأحد 8 نيسان 2007)
يُعيّدون اليوم قيامة المسيح من بين الأموات، وأنتَ لا تزال مصلوباً على الجلجلة.
يَحتفلون اليوم بدحرجة الحجر عن الضريح وقيامة المكفّن من القبر، وأنتَ لا تزال ترزح تحت الحجر مكبَّلاً بأكفانك.
يُهنّئون اليوم بعضُهم بعضاً بعد سبت النور أمس، وأنت أمس واليوم وغداً لا تزال في ظلمة النفق تبحث عن النور.
يُلملون اليوم جراح طعنة الحربة في الخاصرة يوماً، وأنت لا تزال تتلقّى طعنات الغدر والخيانة في خاصرتك يوماً بعد يوم.
يَشربون اليوم في العيد نبيذ الفرح بعد إسفنجة الخلّ، وأنت لا تزال تئنُّ من مرارة إسفنجة خلٍّ تُسقاها كل يوم.
يُفكِّكون اليوم المسامير عن الكفّين والقدمين، وأنت لا تزال مسمّراً وتزداد في يديك وقدميك المسامير.
يُنْزِلون اليوم المصلوب عن الصليب، وأنتَ لا تزال مصلوباً على جلجلة الضمير.
يَنْزعون اليوم إكليلَ الشوك عن رأْس المصلوب، وأنتَ ما زال على رأسك إكليلُ شوكٍ يُدميكَ ويُدمي شعبكَ المعذَّب.
يَجمعون اليوم ثياب المصلوب لتُحفَظَ في القداسة، وأنتَ يقتسمون ثيابَك يَدُورُون بها شحاذين على أبواب الدول.
يَمسحون اليوم آثارَ خيانة يوضاس بقبلة بستان الزيتون، وأنتَ يزدادُ في أبنائك اليوضاسيون وتتكاثر قبلاتُهم الخيانية.
يَحتفل الناس اليوم في العالَم بفرح القيامة، وأنتَ شعبُكَ اليوم، نهارَ العيد، ما زال تَحت جنّاز الصَّلْب والعذاب.
تُعَيِّد اليومَ دولُ العالم بفجر الخلاص بعد ليل الآلام، وأنتَ اليوم رازحٌ تحت جَنح الليل الكثيف الضائعِ الفجر والنهاية.
يا وطني، يا وطني المعَذَّبَ المحبوس في ضمائر اليوضاسيين،
أين كرباجُكَ تنهال به على تُجار الهيكل، تدخُل عليهم: في عينيك الغضب، في صوتك الغضب، في وجهك الغضب، تَجلُدُهم بكرباجك النار وتطردهم من الهيكل الذي جعلوه مغارةً لتجارتهم ومصالحهم وممارسة خيانتهم على حساب شعبك!
أين أعجوبتُك تعكس أعجوبة قانا التي جرت على أرضك، فتُحوّل مياهَهم خلاًّ، وعرسَهم الخيانيّ مأتماً يُنهي مؤامراتهم عليكَ وعلى شعبك، وتَجعل مُخططاتهم خطاً واحداً يؤدي بهم خارج أرضك وشعبك وتاريخك.
لم يعُد ينفعُ فيهم أيُّ كلام. لم يعُد إلا الكرباج، كرباجُك الذي لا يرحمُهُم ولا يغفر لهم، بل يطردهم إلى الظُّلمة البرّانية.
لا تَقُل بعد اليوم “إغفِر لهم يا ابتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون” بل قل، وسنقول معك: “لا تغفِر لهم يا أبتاه لأنهم عارفون تَماماً ماذا يفعلون”.
يَضربونك على خدِّك الأيمن فلا تُدِر لهم الأيسر، بل اصفَعْهُم لا على وجوههم فهي مُعارة إلى الخارج، بل على ضمائرهم كي يستردُّوها من أسيادهم ويعودوا بها إليك مستغفرين تائبين.
لا ترحمهم يا وطني، لأنهم لا يستاهلون رحمةً ولا غفراناً.
نَقِّ شعبَنا منهم، كي ينقى شعبُنا من اليوضاسيين والكتبة والفريسيين.
وحدَك القادر على تحويل الدفن عرساً، والجلجلةِ أرزاً شامخاً، والصليبِ عرشاً لمملكتك الدائمة على جبين العالم.
هكذا تستاهل أنت، ونستاهل نحن أن نكون أبناءك الحاملين منك العلامة.
وطني، يا أيها المصلوب في يوم القيامة.