567: بهذا الإيمان سينتصر لبنان

الحلقة 567: بِهذا الإيمان سينتصر لبنان
(الأحد 21 كانون الثاني 2007)

يَشُدّون بالوطن. كلٌّ إلى صَوبه، حتى لم يبقَ صوبٌ فارغاً إلاّ وانصبغَ بتيار سياسي ومنظّرين سياسيين وأزلام مسيَّسين يطبّلون ويزمّرون ويُهيّصون ويتظاهرون ويعتصمون ويَحملون اليافطات ويصرخون ببّغاوياً “بالروح بالدم نفديك يا…”.
كلٌّ يَشُدُّ بالوطن إلى صَوْبه، وكلٌّ يُنَظِّرُ للوطن من صَوبه، وكلٌّ يدّعي الوطنية على طريقته، وكلٌّ يبشِّر بالديمقراطية وفق قاموسه، وكلٌّ يريد حكومةً على قياسه وانتخاباتٍ نيابيةً ورئاسية على قياسه، وكلٌّ يرفع مطالب تَخدم مصالحه، وكلٌّ يعقد مؤتمراتٍ صحافيةً في بيته ليوزّع على المواطنين آراءَه القيِّمة والسديدة.
كلٌّ يَشُدُّ بالوطن إلى صوبه، وكلٌّ يتغرغر بكلمات: الوطنية، الولاء، الإخلاص، النضال الوطني، النضال القومي، العمل الوطني، خدمة الوطن، التضحية بالعمر في سبيل الوطن، … وسواها وسواها من الكلمات المعلوكة ببَّغاوياً، وفي النهاية ليس الوطن موجوداً عند أحدٍ منهم إلاّ بمقدار ما يخدم له هذا الوطن مصالحه الانتخابية أو صورته الزعاماتية تجاه قاعدته الشعبية من أزلام ومَحاسيب، ويخدم طموحاتِه بل أطماعَه السياسية.
كلٌّ يَشُدُّ بالوطن إلى صَوبه، ولو على أكتاف مواطنين مَحاسيب وأزلام مهيِّصين، ولو من فوق رؤوس مواطنين حياديين يَخافون هذا الفراغ الآتي من هول هذه الأجواء التصادمية الحالية بين موالاة ومعارضة، بين حكومة تستقطب دول العالم لمساعدة لبنان، ومعارضين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب.
كلٌّ يَشُدُّ بالوطن إلى صَوبه، حتى يظنّ المواطن العادي أن الوطن ضائع لا مَحالة بين المتخاصمين، وأنه يئن من جوع وبرد وتشرد.
لكنّ هؤلاء المسؤولين والمواطنين، المتزعمين منهم والمستزلمين، لا يدركون أنّ في لبنان روحاً عظيمةً، روحاً إلهية وتاريخية، حضارية وإرثية، لا تقضي عليها أزمات ولا تُضائلُها أحداث، لا تنتظر جذورها الدهريةُ موالاةَ موالين، ولا تخشى معارضة حردانين شخصيين شخصانيين.
هذا اللبنان التاريخي الخالد له روحٌ خالدةٌ تعصمه، فلا خوف عليها من فشل حوار، أو مبادرة موضوعةٍ في فرن أو ثلاَّجة، ولا من غياب مبادرة، ولا من آلافية اعتصام، ولا من مليونية مظاهرة.
باسم هذه الروح اللبنانية الأُعجوبية الخالدة، انتصر لبنان عبر العصور في أصعب مراحله، وسينتصر اليوم أيضاً لأن جذورَه أرزيةُ الصلابة، لا تهزّها رياح تهاجم أغصانه مهما ضربتها الرياح ومهما ترنَّحت الأغصان.
وباسم هذا الإيمان العظيم بهذه الروح اللبنانية الخالدة، سينتصر لبنان.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*