الحلقة 561: كل عام… وأنتم لبنانيون أكثر
(الأحد 31 كانون الأول 2006)
في هذه الأيام العابقة بأعياد الميلاد والأضحى المبارك ورأس السنة الجديدة، يعود المؤمنون إلى الكتب السماوية يقرأون فيها ويتأملون. من هذه القراءات ما يطل على لبنان من كلام الرسل والأنبياء، وهنا بعض ما جاء عن لبنان في النصوص السماوية، نوردها لمن يظنون أن لبنان قد تقتلعه العاصفة الراهنة إذا قويت واشتد عتوُّها، متناسين أنْ ليست مصادفةً أن تكون شعارَ لبنانَ الأرزةُ الخالدة، بما تعنيه الأرزة من جذور عميقة ضاربة في أرض التاريخ التي لا تقتلعها عاصفة.
جاء في سِفْر التثنية (3/23و25) أنّ موسى استعطف ربه بقوله: “أيها الربُّ الإله، وأنتَ بدأتَ تُريني عظمتَك ويدَكَ القديرة، دعني أعبر فأرى الجبل الجميل ولبنان”. وجاء في سِفْر الملوك الأول (17/8و9) أنّ الربّ قال للنبي إيليا: “إذهب إلى صرفِت صيدا وأَقِم هناك، فإنني أمرتُ أرملةً أن تُطعمَك”.
وجاء في أخبار الأيام الثاني (2/2 و3 و6 و8): “أرسل سليمان إلى حيرام ملك صور يقول له: “كما فعلتَ مع داود أبي وأرسلْتَ له أرزاً ليبني قصراً يسكنه، هكذا آمل أن تفعل معي لأنني سأبني هيكلاً للرب إلهي، فأرسِلْ لي رجلاً خبيراً بصناعة الذهب، وأرسل لي أخشاب أرز وسرو وصندل من لبنان، لأني أعلم أن رجاله ماهرون في قطع الخشب”.
وجاء في المزمور الأول (1/72، و5/15 و17): “يباركك الملك نهاراً وليلاً، فتكثر السنابل في الأرض، وتتمايل على رؤوس الجبال وتُثمر كما في لبنان”. وجاء في المزمور 9292 (11-16): “الصدِّيق كالنخل يزهو، وينمو كأرز لبنان”.
وجاء في نشيد الأناشيد (4/7 و9 و11 و12 و15): “جميلة أنتِ يا حبيبتي ولا عيب فيكِ. هلمي معي من لبنان، يا عروس من لبنان، خلبت قلبي يا عروسي، عطرُ ثيابِك كعطر لبنان، وأنتِ جنةٌ مقفلَةٌ وبئر مياهٍ حيةٍ نازلة من لبنان”.
وجاء في سِفْر هوشع (14/6و8) على لسان الربّ: “أكون لهم كالندى فيُزهرون كالسوسن، ويَمُدّون جذورَهم كلبنان. فروعُهم تنتشر، ويكون بهاؤُهم كالزيتون، وتكون رائحتُهم كلبنان، ويكون صيتُهم كخمر لبنان”.
ويطول الكلام يطول. وذكْر لبنان في الكتاب المقدس خمساً وسبعين مرة ليس من المصادفات، بل من جذور لا تقتلعها رياح ولا تدمرها عاصفة. ولبنان، عبر العصور، مر في أزماتٍ كثيرة أشدَّ وأعنفَ مما به يمر اليوم، وانحسرت الأزمات وانتصر لبنان.
وهكذا اليوم أيضاً وأيضاً: لا تخافوا على لبنان من أزماته الحالية والعواصف ولا من المؤامرات عليه. إن عبارة “لبنان الوطن الرسالة”، ليست صنيعة العظيم البابا يوحنا بولس الثاني وحسب، بل هي قناعة كثيرين من رؤساء الدول الذين يَهُمُّهم أن يبقى لبنانُ في هذه النقطة من الشرق، الوطنَ الرسالة بكل معاني الرسالة السياسية والدينية والحضارية.
عشيةَ هذا العام الجديد، كلُّ ما يطلبه لبنان منا، لكي يبقى قوياً كما هو قوي، أن نَجهر بإيماننا بالهوية اللبنانية لا نُلصق بها هوية أخرى، ولا انتماءَ آخر شقيقياً ولا إقليمياً ولا شرقياً ولا غربياً من أية جهة في العالم أياً تكن هذه الجهة، فلن يحترمنا العالم، إلاّ إذا انتمينا إلى لبنان اللبناني.
وكل عام، وأنتم… لبنانيون أكثر.