514: بيعوا سياراتكم واشتروا تراكتورات
(الأربعاء 12 تَمُّوز 2006)
طفح الكيل! طفح الكيل، ولم يعُد مُحتمَلاً ولا مقبولاً هذا الإهمالُ الذي بلغ حدَّ الأذى!
إنه أذى طرقاتنا التي لم تعُد طرقاتٍ بل صارت حفافي وجلالي ووعراً في كل ناحية وكل منطقة، من هذا المسْخ المسمى زوراً أوتوستراد، إلى آخر زاروب في أبعد ضيعة لم يعد فرقٌ بين طرقاتها الزاروبية الشنيعة وبين أية طريق رئيسية في سواحلنا والمصايف.
يا عيب الشوم! لم يعُد كيلومتر واحد على طرقاتنا خالياً من المطبات والطلعات والحفر والريغارات والتشققات والخبطات والترقيعات الناتئة أو الغائرة، حتى تصبح القيادة الصحيحة هي القيادة الزيكزاكية بين بئر هنا وساقية هناك ونَتْأةٍ مفاجئة هنالك.
ما هذا؟ أين نحن؟ في أية أدغال نحن؟ هل هذا هو لبنان؟ هل هذا لبنان الذي ننادي إليه “يا مهاجرين ارجعوا” ونسأل السياح أن يأتوا إلينا ليستمتعوا بمناظر لبنان ومناخ لبنان فيقعوا في أفخاخ طرقات لبنان؟ وهل مهاجرو لبنان العائشون في بلدانٍ أقلُّ طرقاتِها لا مطبات فيها ولا آبار ولا مفاجآت قاتلة، سينشرح صدرهم عندما يجدون طرقات بلادهم الأُم يا محلى طرقات الوعر في أدغال أفريقيا؟
ويبقى السؤال البديهي الدائم: أين وزارة الأشغال؟ وزير الأشغال مشغول بالسياسة؟ فهمنا. أين مسؤولو الوزارة الإداريون؟ مدير عام الطرق، شو بيشتغل؟ في منطقةٍ هنا تخطيطٌ لطريق؟ فهمنا. والباقي؟ كل طرقات البلد خاضعة للتخطيط؟ ومتى؟ والى متى؟ وكيف؟ نفهم أن طرقاتٍ مُحفَّرةً باقيةٌ مُحفَّرةً لأن التخطيط يشملها، ولكن، ماذا عن الباقي؟ إلى متى تبقى طرقاتنا جلالي بطاطا تأبى الجرارات الزراعية أن تَسلُكها؟
من هنا صرختنا إلى المواطنين: بيعوا سياراتكم واشتروا تراكتورات، حرامٌ أن تضعوا سياراتكم الجديدة على طرقاتٍ تأنف منها حتى التراكتورات.
الطرقات واجهة البلاد. فهمنا أن تكون واجهتُه السياسية على ما هي من تعتيرٍ وعار، على الأقل فلتكن واجهةُ طرقاته أقلَّ عاراً، حتى لا تكونَ ملفاتُ السياسة وطاولاتِ الحوار عملياتِ إلهاءِ فعليةً عن ملفات أكثر إلحاحاً، أبرزُها هذه الأدغال الوعِرة التي هي طرقات لبنان.