الحلقة 505 : السياحة ليست مكاناً بل الوصول إليه
(الأحد 11 حزيران 2006)
عن وزير السياحة المهندس جو سركيس أن موازنة الوزارة لا تتعدّى 1% من ميزانية الدولة. فهي تبلغ 12 مليار ليرة (ثمانية ملايين دولار) مقسَّمةً ثلثاً رواتبَ وأجوراً، ثلثاً دعمَ مهرجانات، والثلث الأخير للترويج السياحي أي مبلغ مليونين ونصف مليون دولار نخجل من مقارنته حين نعرف أن قبرص ترصد للترويج السياحي وحده 40 مليون دولار، وتركيا 60 مليون دولار، ومصر 80 مليون دولار، ونحن… أقل من ثلاثة ملايين.
هذا اللبنان الذي نتغنى بأنه وطن السياحة بامتياز ونطلب من وزير السياحة أن ينمِّي السياحة في لبنان، لا ترصد دولته للترويج السياحي إلاّ أقلَّ من ثلاثة ملايين دولار. فما الذي تستطيعه ثلاثة ملايين دولار؟
ثلاثة ملايين دولار؟ لماذا؟ وأيُّ بندٍ أجدرُ للزيادة؟ هل بند الطرقات في وزارة الأشغال ونحن نقود سياراتنا على طرقاتٍ باتت دهاليزَ وآباراً وجلالي بطاطا ووعراً يجعل السائحَ يَخال أنه في وعورة أدغال مجاهل أفريقيا؟
هل بند الكهرباء في وزارة الطاقة، والتقنينُ بات يجتاحُنا ساعاتٍ أطول في عتمةٍ تفاجئ السائح فيسأل بكل براءة: بعد خمسَ عشْرة سنةً على نهاية الحرب، لماذا لا تزال الكهرباء عندكم في انقطاع؟
هل بند رجال شرطة السير، في وزارة الداخلية، وطرقاتنا بدون مراقبة، مفتوحةٌ أمام سياحنا لرعونة سائقين بلا ضوابط ولا أحزمةِ أمان ولا قانونِ سير ولا حزمٍ يلجم طيشهم على الطرقات؟
هل بند البيئة في وزارة البيئة، والزبائل تطالع سياحنا عند كل منعطفٍ وناصيةٍ ووادٍ وتلّة، حتى يظنوا أنهم يسيحون بين النفايات والتلوّث، لا بين لوحات طبيعية هي من أجملِ ما منح الله وطناً في الدنيا؟
السياحةُ ليست المكانَ السياحي وحسب، بل هي الوصول إليه. وماذا ينفع أن نطلب من وزير السياحة الترويجَ للسياحة، حين الوصولُ إلى الأماكن السياحية مَحفوفٌ بالإزعاج والمشاهد المنفّرة وطرقاتِ الوعرِ والخطر؟
السياحة ثروتُنا الحقيقية؟ صحيح. ولذا، فلتخدم دولتُنا السياحة كما يجدر بالسياحة أن تكون، ولتتساوَ الوزارات بمددٍ يجعل من كل واحدة بينها خادمةً للبنان الدولةِ القوية، لا دولةِ المحاسيب والأزلام والكوتا السياسية.