504: إلى أين لبنان مع جيل الأراكيل؟
(الأربعاء 7 حزيران 2006)
طوال إقامتي ستَّ سنواتٍ في الولايات المتحدة، كنتُ أراقب ظاهرةً لافتةً في محالّ بيع المسكرات والسجائر، تمنع أصحابها من بيع الكحول والمسكرات والسجائر إلى مَن هُم دون الثامنة عشْرةَ، تحت طائلة سحب الرخصة من صاحب المحل، أو إقفال مَحله أو سوقه إلى المحكمة إذا ثبُتَت مخالفتُه هذا القانون.
وهذا الحزم في مراقبة الدولة جيلَها الجديد، ينسحب كذلك على قيادة السيارات بدون رخصة، وقيادة الدراجات النارية فتحفظ الدولة أرواح شبانها وشاباتها وأرواحَ من قد يصيبهم أذى أو ضرر من شبانها وشاباتها.
كل هذا لنشير إلى حزم الدولة في الحفاظ على المواطنين، وهو ينوب غالباً عن حزم الأهل في مراقبة أولادهم والمحافظة عليهم في غيابهم، إن كان لحضور الأهل تأثير بعدُ هناك في سن المراهقة.
ونعفي الدولة عندنا من هذا الحزم في ضبط مخالفات الرعونة لدى شباننا وشاباتنا في قيادة الدراجات والسيارات وشراء السجائر والكحول والتسكع ليلاً، في الهزيع الأخير من الليل، على أبواب البارات وعلب الليل والملاهي والمطاعم وشوارع الـ”داون تاون”.
وإذ ليس للدولة عندنا قانون لمنعهم، وتالياً لا سلطة لها على أبناء الجيل الجديد، فالسؤال يتجه مباشرةً إلى دولة البيت، إلى أهلٍ لا ننفكّ نسأل عنهم كلما مررنا في الـ”داون تاون” ورأينا صبياناً وبناتٍ، ولا أقول شباناً وصبايا، يدخنون الأراكيل بكل صلف وهم لم يبلغوا بعدُ الخامسة عشرة، لأن لا قانون لدينا يمنع على صاحب المطعم أو المقهى لبيع الكحول والسجائر والأراكيل إلى من هم دون الثامنة عشرة.
ولكن… إذا كان القانون عندنا لا يمنع ذلك، فأين أهل هؤلاء لا يراقبون أبناءهم وبناتهم يتعتهم سُكْر البارات، ويتصاعد من رئاتهم الطرية دخانُ الأراكيل القاتلُ الذي سرعان ما يتحوّل بعد سنواتٍ إلى أورام سرطانية خبيثة تودي بهم في ربيع العمر، فيقضُون ضحية فلتانٍ مرعبٍ لا تطاله قوانين الدولة ولا تتنبَّه له تربية الأهل.
جيل الأراكيل في لبنان، والمسطرة في مقاهي الـ”داون تاون”، بعضٌ من صورة لبنان الغد، الآتي إلينا بشبان وصبايا لم تكفِ الاصطفافات السياسية العشوائية العمياء لتسميمهم، فسمَّمهم سرطاناً قاتلاً دخانُ الأراكيل.