الحلقة 502: ضرورة الإضاءة على الأدب اللبناني
(الأربعاء 31 أيار 2006)
طالعتنا الصحف أمس الثلثاء بنبأ تشكيل “لَجنة أمين الريحاني الوطنية” في مؤتمر صحافي عقدته على منبر نقابة الصحافة، وورد في الكلماتِ الملقاةِ كلامٌ على حملةٍ شرسةٍ افترائية شنّتها على أمين الريحاني مجلةُ “الهلال”، اللبنانية المنشئ المصرية المنشأ، عبر مقالات ثلاثة كتبها رئيس تحريرها ورَدَ فيها افتراء أرعن لا أساس لصحته.
مباركةً كانت الردود التي تكفَّلها مؤخراً أدباء وصحافيون في لبنان ودول عربية، في أجوبتهم عما ورد في “الهلال” من سهامٍ توجهت بطلاناً إلى أمين الريحاني متهمةً إياه بما افترضته فضيحةً ضبطتها عليه، فيما هو وارد في مؤلفات الريحاني وهو الذي قاله وكتبه مؤمناً بمضمونه، وما كان يقوم به لدى السلطات الأميركية فترتئذٍ كان للإضاءة على العالم العربي الذي كان حتئذٍ مجهولاً من تلك السلطات الأميركية.
الإضاءة، قلت. وهنا الكلمة المفتاح. لو كان كاتب المقالات الثلاثة مطّلعاً كفايةً على تراث الريحاني لما كان كتب ما كتب بكل سذاجةٍ رعناء معتقداً أنه يسجل سبقاً صحافياً غيرَ مسبوق فيما هو ذَكَر ما كان مذكوراً ومنشوراً.
الإضاءة. هذا هو المطلوب. الإضاءة على أدبنا اللبناني بما يجعله مكشوفاً للقراء والدارسين فلا يدعي أرعنٌ لاحقاً باكتشافه فضيحةً عن أحد أدبائنا فيما المكتشَف يكون ورد في أدب هذا الأديب وتكون سبقت الإضاءة عليه.
أدباؤنا في مقالاتهم، صحافيونا في تحقيقاتهم، أساتذتنا الجامعيون في تدريس طلابهم، فلينصرفوا إلى البحث في أدبائنا اللبنانيين الرواد كي يُظهِروا آثارهم أكثر، وينشروها على الطلاب والقراء. فليُخفِّفوا إلى حدٍّ ضروريٍ من البحث في أعلام الجاهلية والعصور الأموية والعباسية، وليُكثروا من البحث في أدبنا اللبناني الذي شعّ على الأدب العربي المعاصر كله. ولْينطلقوا لا من شعور عنصري شوفيني تعصبي بل من قناعةِ أن أدباء لبنان وشعراءه هم الخميرة التي باركت عجيناً أدبياً وصحافياً بات شعلةً بها استضاء أدباء العربية. فلنُضئْ على هذه الإستضاءة، ولْيكتشِفْ طلابنا الجدد وقراؤنا الجدد أنهم من وطن ضئيلِ المساحة في الجغرافيا لكنه شاسعُ الإبداع في الأدب. وهذا هو الدور الأول لكل كاتب وصحافي وأُستاذ جامعي، أن يجعل تراث بلاده أولويةً ضميريةً على تراث الآخرين.