501: هذه الكساسير المحسوبة علينا تاكسيات

الحلقة 501: هذه الكساسير المحسوبة علينا تاكسيات
(الأحد 28 أيار 2006)

لا أظن أنّ في أشد البلدان تخلُّفاً وفقراً وتعتيراً، أكثر إثارة للاشمئزاز والقرف من مشهد عدد كبير من التاكسيات المنتشرة على طرقاتنا، وهي في أسوإ حالة، وأحقر المناظر شكلاً، وأكثر الاحتمالات خطراً على ركابها والمشاة وسائر السيارات حولها.
فالواحدة منها، كل باب بلون، وكل رفراف بلون، أو ان لونها مقشر صدئ، وهي ممعجنة ومضروبة في كل سنتم مربع منها، لا مصابيح أمامية فيها ولا خلفية، وتهز كلُّها لأن دواليبها انتهت صلاحيتها منذ أشهر بل سنوات، فرشُها ممزق، بطانة أبوابها مخلعة، نوافذها لا تنفتح ولا تنغلق، مسنودة بسلك أو مفك براغٍ، وينفث عادمها مشاحر من دخان المازوت أو بنزين ممزوج بالزيت المحروق، وفوق كل هذا القرف: شكلُ سائقها الذي لم يحلق ذقنه منذ أيام، ولم يستحمّ منذ أسابيع، في يده سبحة يطقطق بها وفي فمه سيجارة تهرهر رمادها عليه أو في أرض السيارة أو يرمي عقبها إلى الطريق، ويزيد وقاحتَهُ وقوفه وسْطَ الطريق ليُطلع راكباً أو يُنزل راكباً أو يفاوض راكباً، ويتواقح بالعبور على الضوء الأحمر وبالتجاوز الخطر من دون تأمين طريقه، ويجهل أو يطيح كلَّ قاعدة من قواعد السير والأخلاق العامة والسلوك وأفضليات المرور، ويقود سيارة مؤذية للعين والصحة والبيئة.
ماذا يقول السيَّاح والمواطنون في سيارات لا تصلح أقناناً للدجاج ولا معالف للماشية، وتمر بسلام على المعاينة الميكانيكية؟
إنّ مظاهر التخلف كثيرة ومقرفة، وفي طليعتها هذه الكساسير المحسوبة علينا تاكسيات.
فما أبشع هذا التخلُّف في بلدٍ يتشدَّق فيها الكثيرون: “جنَّات عَ مدّ النظر… ما بينشبع منها نظر”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*