الحلقة 487: لكم لبنانكم ولي لبناني
(الأحد 9 نيسان 2006)
غداً، الاثنين 10 نيسان، تَمُرّ خمسة وسبعون عاماً على غيابه عند الحادية عشرة إلاّ خمس دقائق ليل الجمعة 10 نيسان 1931. خمسة وسبعون عاماً على غيابه، ولا يزال معنا، ولا يزال بيننا، ولا يزال صوته يبلغنا كل يوم. قوياً يبلغنا، ناصعاً وصادقاً يبلغنا، وموجَعاً بحسرةٍ يبلُغُنا، على ما كنا فيه قبل خمسة وسبعين عاماً، وعلى ما لا نزال فيه منذ خمسة وسبعين عاماً ولم يتغيَّر شيء.
“لو لم يكن لبنان وطني لَما اخترتُ وطناً لي غيرَ لبنان”. قالها وهو مؤمن بإرث لبنان. ورغم كل ما أعطته أميركا من شهرة وتكريم، كان يرفض أن يحمل جنسيّتها ومات وهو لم يحمل إلاّ هويته اللبنانية.
هذا الجنونُ الرائع بلبنان وإرث لبنان وعبقرية لبنان، واجهها بصرخته التاريخية: “لكم لبنانكم ولي لبناني”. ولا يزال صوته يبلغنا بهذه الصرخة: ” لبنانكم مشكلة دولية تتقاذفها الليالي، لبنانكم صراع بين رجل جاء من الغرب ورجل جاء من الجنوب، لبنانكم حكومة ذات رؤوس لا عداد لها، لبنانكم مربعات شطرنج بين رئيس دين وقائد جيش، لبنانكم طوائف وأحزاب، لبنانكم كذب يحتجب وراء نقاب من الذكاء المستعار، لبنانكم ينفصل آناً عن سوريا ويتصل بها آونة ثم يحتال على طرفيه ليكون بين معقود ومحلول، ، أما لبناني فلا يتصل ولا ينفصل ولا يتفوق ولا يتصاغر”. ويبلغنا صوته هادراً: “لكم لبنانكم ولي لبناني. لكم لبنانكم وأبناء لبنانكم فاقتنعوا به وبهم إن استطعتم الاقتناع بالفقاقيع الفارغة، أما أنا فمقتنع بلبناني وأبنائه، وفي اقتناعي عذوبة وسكينة وطمأنينة”.
غداً، الاثنين10 نيسان، تَمُرّ خمسة وسبعون عاماً على غيابه.
خمسة وسبعون عاماً على غيابه، ولا يزال معنا، ولا يزال بيننا، ولا يزال صوته يبلغنا كل يوم.
خمسة وسبعون عاماً على غيابه، ولم يتغير شيء.
ونحن أيضاً لا يتغيرَنَّ شيءٌ في قناعاتنا، فلنردد مع صوته الصارخ: “لكم لبنانكم ولي لبناني”، وليردد كلُّ واحدٍ منا بصوت جبران: “لو لم يكن لبنان وطني، لَما اخترتُ وطناً لي غير لبنان”.