الحلقة 467: المسؤولون أوّلاً… والمواطنون إلى الجحيم
(الأحد 29 كانون الثاني 2006)
المناسبة: افتتاح مسرحية “جبران والنبي”. الزمان: الأربعاء الماضي. المكان: فوروم بيروت. الطقس: مطر شديد.
وكان من انشراحنا سلفاً أنَّ للفوروم ساحةً كبرى للسيارات فلا يضطر المواطن إلى إيقاف سيارته في الدامور.
وصلتُ بين الجمع. وجدتُ ركناً فيه بضع سيارات. اقتربتُ منه لأركن سيارتي. تراكض نحوي اثنان من عتاريس الحماية. قال لي العتريس الأول: “من هناك يا أُستاذ”. وأشار إلى مكان قصيٍّ تزدحم فيه السيارات محشورة للدخول سيارة سيارة إلى ركن بعيد. اقترب العتريس الثاني بعدما تطلَّع إلى لوحة سيارتي: “هل أنت نائب يا أستاذ”؟ قلتُ “كلا”. “وزير”؟ كلا. “ممثِّل نائب أو وزير”؟ “كلا”. فانتهرني هذا العتريس الثاني بنبرة أشدّ من العتريس الأول: “إذاً إذهب إلى هناك وراء هذه السيارات. هذا المكان هنا مخصص لسيارات الرسميين فقط”.
انصَعتُ إلى أوامر العتريسَين، ووقفت طويلاً في صف السيارات الطويل حتى ركنتُ سيارتي في مكان قصيٍّ، ودخلت الفوروم في ما تبلل مني بالمطر الشديد، ومثلي مئاتُ الذين حرمَهم عتاريس الحراسة الوقوف في ذاك الركن الفسيح شبه الفارغ، المخصَّص فقط لسيارات “حضرات الرسميين”.
في الاستراحة بين الفصلين، خرجت إلى القاعة الكبرى على مدخل الفوروم، وألقيت نظرة على المدخل الخارجي، فإذا بتلك الباحة المخصصة “للرسميين فقط”، أصبحَت شبه فارغة، لأن “حضرات الرسميين” مشغولون جداً ولا يسمح وقتهم الثمين بالبقاء إلى آخر المسرحية، فغادر معظمهم وفرغَت تلك الباحةُ المخصصة لهم، والممنوع أن يتوقف فيها المواطنون الذين عند الخروج من المسرحية راحوا إلى المكان القصي يأتون بسياراتهم تحت المطر.
هذا المشهد يتكرر في كل احتفال. وفي منتصف الاحتفال تخلو مقاعد حضرات الرسميين وتخلو الباحة المخصصة فقط لسياراتهم التي تأتي أولاً. أما المواطنون فليذهبوا بسياراتهم إلى الجحيم.
ألاَ حفظ الله المسؤولين عندنا، وأدامهم بصحَّتهم كي ينقذوا لبنان.
وكل مسؤولين، والوطن بألف خير.