الحلقة 463: إحذروا الآبار والدهاليز بين جونيه وبيروت
(الأحد 15 كانون الثاني 2006)
ليست هذه المرة الأُولى نثير فيها هذا الموضوع. مراراً أثرناه وصرخنا ونبَّهنا إلى أن المواطنين، من كازينو لبنان إلى جسر بيروت، لم يعودوا يسيرون على أوتوستراد، ولا على طريق، بل في جلالي بطاطا أين منها طرقات الوعر في قلب غابات موحشة لم تصلها طريق بعد.
ويحفزنا اليوم إلى إعادة الصرخة على هذا الموضوع، ما لاحظناه طوال هذا الأسبوع من حُفَر جديدة، وخنادقَ تكبَر، وريغاراتٍ مفتوحة على وسعها وعمقها، وتشقُّقاتٍ تزيد اتساعاً، وترقيعاتٍ كانت مطباتٍ عاليةً فصارت أخاديدَ مسننةً تشقُّ إطارات السيارات كالسكاكين، وحُفَرٍ قاتلةٍ ترغم السياراتِ المتنبهةَ على السير زيكزاكياً بكل ما يعرِّضها ذلك من خطر الصدم أو التصادم…كل ذلك والأمر سائبٌ متروك لقدر المواطنين يواجهون الآبار العميقة والدهاليز القاتلة على طريق جونيه بيروت، ولا من يتحرك، ولا من يبادر، والحجةُ الأكثرُ وقاحةً من التكاسل والتباطؤ أنَّ البلد في وضع أمني وسياسي غير مستقرّ.
فما علاقة الوضع السياسي أو الأمني، وتقرير برامرز والتوقيفات الأمنية والتصاريح السياسية، بعمل إداري بَحْت يُلزم المسؤولين في وزارة الأشغال على تنفيذِ أعمالٍ روتينيةٍ صيانيةٍ لا علاقة لها بأيّ وضعٍ سياسيٍ أو أمني؟
إن الطريق بين جونيه وبيروت لم تعُد طريقاً محفَّرة بل صارت مجموعةَ جزُرٍ دهليزيةٍ قاتلةٍ خطرةٍ تجب معالجتها في أقصى سرعة. وما كنا نظننا في حاجة إلى التنبيه طالما النواب والوزراء من كسروان حتى أقصى الشمال يمرون على هذا الأوتوستراد المسخ، أفلا يشعرون بهذا القرف الذي مسح الزفت عن الطريق وحوّلها وعراً مخيفاً خطِراً قاتلاً؟
ليست هذه المرةَ الأُولى نثير فيها هذا الموضوع، ولن تكونَ الأخيرة حتى تتحوَّل الطريق بين جونيه وبيروت لا إلى طريقٍ من العالم الثالث، بل على الأقل حتى تتحسنّ قليلاً من كونها طريقاً من العالم المتخلف الثالث والثلاثين.