الحلقة 462: فلنتعلّم النظافة من زاراكوزا
(الأربعاء 11 كانون الثاني 2006)
هي بالإسبانية زاراكوزا. وحين احتلّها العرب بعد فتح الأندلس صار اسمها “سرقسطة”. تبعد عن مدريد العاصمة 325 كلم، وعن برشلونة 296 كلم. وهي عاصمة مقاطعة أراغون في شمال شرق إسبانيا. تشرف على نهر إيبرو Ebro. سكانها نحو 650 ألف نسمة. يعود بناؤُها إلى نحو 2000 سنة، وهي بين أكثر المدن الإسبانية استقطاباً للسياح بما تختزنُ من آثار الحضارات المتعاقبة عليها منذ الرومان فالقوطيين فعرب الأندلس، ولا تزال آثارهم ماثلةً فيها مُحافَظاً عليها في أماكنها الطبيعية أو محفوظةً موثَّقَةً في متاحف المدينة. ويتمتع السياح بمناظر المدينة فوق وادي إيبرو، وبتأمل بيوتها التراثية وتقاليدها القديمة المتوارَثةِ جيلاً بعد جيل، ما يظهر في احتفالاتها السياحية الكبرى.
ما يَهُمُّنا اليوم من هذه المدينة السياحية صدورُ قرارٍ عن مجلس بلديتها مطلع هذا الأسبوع، يتشدَّد أكثر في تطبيق قرارٍ سابق متَّخَذٍ منذ أربع سنوات. القرار السابق يمنع التدخين كلياً في الأماكن العامة المقفَلة ويسمح به خارجها، والقرارُ الجديد توجَّه إلى المدخنين خارج تلك الأماكن، على الرصيف أو في الهواء الطلق، وفرض عليهم أن يحملوا منافض الرماد فلا ينفضوا سجائرهم على الأرض ولا يرموا أعقابها كيفما وأينما كان.
يعني: فرَضَ القرار على المدخنين أن يحملوا السيجارة في يد، والمنفضة في اليد الأُخرى، حتى إذا انتهوا من التدخين أفرغوا المنفضة في مستوعب النفايات المعلق على جانب الطريق أو الرصيف. وسيَّرت البلدية دورياتٍ لمراقبة التطبيق وإبقاء الطريق أو الرصيف نظيفاً لمرور المواطنين والسياح. هكذا تحافظ سرقسطة على مواطنيها وسياحها.
نحن هنا، في لبنان، لا نطمح إلى هذا القدْر من اهتمام الدولة بالنظافة من أجل المواطنين اللبنانيين والزوار والسياح الأجانب. فلا أملَ لدينا بذلك. لكننا نطلب على الأقل نظافةً بديهيةً في شوارع العاصمة، لا من أعقاب السجائر التي يرميها المدخنون على الأرض والرصيف، بل نطلب على الأقل تنظيف الطرقات والشوارع من روث الكلاب حتى لا تتحولَ طرقاتنا والأرصفة عذاباً مقرفاً للمواطنين والسياح.