الحلقة 460: صدمة الخدمات بين الخارج والداخل
(الأربعاء 4 كانون الثاني 2006)
العائد من الخارج، ولو بعد رحلة قصيرة، يرتطم لدى عودته بظواهرَ في لبنان تثير فيه السخط والتعجب، من كونها ليست إلى معالجة، فيما هي من بديهيِّ الخدمات المفترضِ أن تعالجها الدولة أياً تكن الظروف السياسية في البلاد.
أعرف أنّ المواطنين جميعاً مشدودون إلى مُجريات الأوضاع السياسية، ومشدودون كل صباحٍ إلى عناوين الصحف وتحليلاتها الداخلية، ومشدودون إلى نشرات الأخبار وبرامج الـ”توك شو” في الإذاعات والتلفزيونات، وأعرف أن هَمَّ المسؤولين السياسيين اليومَ الخروجُ من حالة سياسية تَجعل البلاد في بركانٍ من قلقٍ وهموم.
غير أنّ هذه الحالة القلقة التي تشغل السياسيين والمواطنين معاً، لا تبرّر أن تصاب البلاد بالشلل شبه التام على مستوى الخدمات العامة المتصلة بالبنية التحتية أو بشؤون المواطنين. ومن الأخبار والصور التي تطالعنا في الصحف من حوادثَ وتَجاوزاتٍ ومُماطلات، ومن شكاوى للناس تنقل “صوت لبنان” حيزاً منها كبيراً كل يوم، يتبيّن أنّ الإدارة في لبنان معطَّلة أو مؤجلة، كأنْ لا رقيبَ يراقب ولا حسيبَ يُحاسب، والمواطن متروكٌ لطرقات محفّرة مهمَلة، ولصيانة سائبة في معظم الحقول المتصلة بِخدمات المواطنين، مِما يَجدر بالبلديات أو المؤسسات العامة أو مؤسسات الدولة أن تقوم به روتينياً نظامياً دورياً أياً تكنِ الظروف السياسيةُ أو الأمنيةُ في البلاد.
في جميع بلدان العالم خضَّات سياسية وأمنية وحوادث طبيعية طارئة، لكنّ الطوارئ لا تؤخر المسؤولين الإداريين عن القيام بأعمالٍ يوميةٍ إداريةٍ خدماتيةٍ يتقاضون عليها رواتبهم من مال المواطنين كي يقوموا بخدمة المواطنين.
وبين ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي والمديرين العامين وموظفي الفئة الثانية يفتِّش المواطن عن رقيب أو حسيب فلا يَجد إلاّ شللاً في الإدارات وتأخيراً في المعاملات وصدمةً قاسيةً يعانيها من يسافر إلى عطلةٍ في الخارج ولو لبضعة أيام ضئيلة.