457: …والرجاء الصالح لبني لبنان

الحلقة 457: … والرجاء الصالح لبني لبنان
(الأحد 25 كانون الأول 2005)

سهرنا أمسِ معك حتى انتصف الليل وهلّلنا: “وُلِدَ المخلّص”، وإذا ولادتُك محفوفةٌ بالمخاطر والبيلاطُسيين.
سهرنا معك أمس، ونحن نرتل: “المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام، والرجاء الصالح لبني البشر”. وكانت عصيّةً على السياق ليلةُ أمس، ولبنان لم يلملم بعدُ صوَر المآتم المتلاحقة، والجنائز المتلاحقة، والتعازي المتلاحقة، وصرخاتِ الغضب ونواحَ الأرامل المفجوعات وذهول الأولاد اليتامى، ومجالسَ عزاءٍ يقال فيها الكلام نفسُه ويُطرح السؤال نفسُه: “وماذا بعد، ومَن بعد”؟
خمسة عشر شهراً وخمسة عشر اغتيالاً ومحاولةُ اغتيال، وكنا نردد أمام مغارتك أمس: “المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام”، وإذا كان مجدَ الله في العلى إيمانُنا، فمتى على أرض لبنانَ السلام؟
اليوم الأحد، أشرقت شمس عيدك، واللبنانيون يتبادلون تهاني العيد بخفرٍ وخجلٍ وارتباك، وبالسؤال الحافي نفسه: “متى على أرض لبنان السلام”؟
يا طفل المغارة، على صورتك اليوم لبنانُ: مساحته مغارة ضئيلة، البيلاطسيون يترصّدونه خلف أعمدة الليل، وسرير الولادة خشبةٌ هي نفسُها المذود وهي نفسُها الصليب غداً فوق جلجلة العذاب الطويل.
يا طفل المغارة، على صورتِكَ لبنان: يجتمع عند مغارته ملوك الأرض، ويغيب عنها من يهيِّئون يوضاساً يسلّمه بقبلة في بستان زيتون، ويهيّئون قيافا لرئاسة المحفل، ويهيِّئون جلاّداً على قدم الصليب.
يا طفل المغارة، في عيدك اليوم نخشع أمام مغارتك المتواضعة، وفي قلبنا وطن متواضع الحجم عبقري الإرث، مأْساته في من يريدون صحرنةَ أرزه وبعثرةَ إرثه وتسطيحَ خصوصيته ليكون كسواه اسماً بارداً على خارطة الأوطان.
يا طفل المغارة، على صورتك لبنان، ولن يستريح هذا الشرق حتى تسمع الشرق يرتل: “المجد لله في العلى، وعلى أرض لبنان السلام، والرجاء الصالح لبني للبنان”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*