الحلقة 442: لبنان أوَّلاً: لا للوصاية الخارجية نعم للدعم الدولي
(الثلثاء 1 تشرين الثاني 2005)
يكثر الكلام هذه الأيام عن رفض الوصاية الخارجية على لبنان. ومعهم حقٌّ جميع من يرفضون هذه الوصاية. من زمانٍ لبنانُ يرفض الوصاية والهيمنة والاحتلال، وما احتله محتلٌّ، أو هيمن عليه حكم، أو كان وصياً عليه نظام، إلاّ وعاد هذا القهقرى وعاد لبنان إلى لبنان.
واليوم أيضاً يخرج لبنان من تحت وصاية ثلاثين عاماً ليعود إلى لبنان. غير أن خروجه من وصاية لا يعني دخوله تحت وصايةٍ أخرى، ومن هنا تخوُّف البعض من وصاية خارجية غربية عليه. غير أن هذا البعض يخلط بين الخارجي والدولي. الوصاية الخارجية مرفوضة؟ نعم. التدخل الخارجي مرفوض؟ أكيد. لكن الدعم الدولي مشروع، لأنه لا يأتينا من دولة بل من دول منظمة الأمم المتحدة، ولبنان عضوٌ مؤسس في هذه المنظمة، إذاً يأتي الدعم للجزء من داخل الكل لا من خارج هذا الكل. التدخل في الجزء من خارج الكل: وصاية. التدخل في الجزء من داخل الكل: دعم. التدخل الخارجي غير القرار الدولي. والحاصل في نيويورك اليوم: الأسرة الدولية تبحث في شأن لبنان ولبنان عضو فيها، إذاً البحث يتم من داخل الأسرة لا من خارجها. ولبنان ليس لقيطاً أو داشراً أو كرماً على درب، بل هو عضو في أسرة دولية تبحث له اليوم عن حلول لمشكلته. ومن أحرى من الأسرة للبحث في مشكلة أحد أفرادها؟
إذاً: التعامل مع القرار الدولي غيرُ التعامل مع التدخل الخارجي. التدخل الخارجي هيمنة ووصاية واحتلال. القرار الدولي دعم. ولم يستقلّ وطن في الأرض من دون دعم دولي في أسرة دولية تتداول في استقلال أحد أفرادها.
فإما أن نكون عضواً في أسرةٍ دوليةٍ أُمٍّ نعود إليها في ضرّائنا، وإما أن نخرج من منظمة الأمم لقطاء إلى قارعة الأمم وعندها تتجاذبنا رياح الوصاية والهيمنة والاحتلال، وعندها يزول لبنان عن خارطة العالم.