الحلقة 435: بين انتظار التقرير وتقرير الانتظار
(الجمعة 21 تشرين الأول 2005)
ها نَحن اليوم الجمعة. يوم جمعة الانتظار. انتظار التقرير وما رافقه من توقعات وتكهنات وتسريبات وتردُّدات. وإذا كنا نفهم انتظار التقرير، فإننا لا نفهم تقرير الانتظار. وإذا كان انتظار التقرير أمراً سياسياً، فتقرير الانتظار أمر لوجستي إداري بَحت، لا علاقة له بِمُجْرَيات الأُمور قبل التقرير ومعه وبعده.
كيف نفهم جمود تنفيذ مشاريع حيوية ذات علاقة بالمواطنين؟ ما علاقة تقرير ميليس بتجميد سير العمل في الدولة على مستوى الخدمات العامة وتأمين شؤون المواطنين؟ ما علاقة تقرير ميليس بتنظيف مجاري المياه قبل هطول الأمطار كي لا تعوم الطرقات أنهاراً وسواقي؟ وما علاقة تقرير ميليس بتزفيت هذا المحسوب علينا أوتوستراداً فيما هو جل بطاطا مليءٌ بحُفَرٍ بعضُها لا يزال من بقايا سقوط القذائف أيام الحرب قبل عشرين عاماً؟ ما علاقة تقرير ميليس بتأهيل طريق، كالتي مثلاً بين كازينو لبنان وجسر بيروت، كي لا تظلَّ عذاباً يومياً للسائقين والسيارات في هذا الشريان الرئيسي الرابطِ شمالَ لبنان بعاصمته وجنوبه؟ ما علاقة تقرير ميليس بهذا الجمود المُتحكّم بالبلاد إدارياً وتربوياً حتى بات كل شيءٍ في لبنان واقفاً أو متوقفاً أو موقوفاً، وفي بلدان العالم تستمرُّ الأمورُ مأمونةً والبنيةُ التحتيةُ مؤمَّنةً ومسيرةُ الحياة اليومية آمنةً، مهما يكن آتياً على البلاد حتى ولو كان إعصاراً يهدِّد بالكوارث الحياتية.
اليومَ يومُ الجمعة. البعضُ يقولونه فاصلاً، وقد يكونون على حق. فلْنجعلْه فاصلاً لا بين ما قبله وما بعده على المستوى السياسي وحسب بل على مستوى أن تكونَ الدولةُ دولةً تنتقل من مرحلة انتظار التقرير وتقرير الانتظار، إلى مرحلة نتيجةِ التقرير وتقريرِ نتيجة القيام إلى دولة تجعل مواطنيها يشعرون فعلاً أنهم في حمى دولة.