الحلقة 433: لو تبقى دائمةً هذه الإجراءات
(الأربعاء 19 تشرين الأول 2005)
بين الحذر من تفجيرات ميليشياوية عشية التقرير، والقلق من نتائج ميليسياوية عشية التقرير، يقف المواطن اللبناني بين ميليشياوية المجرمين وميليسياوية القاضي ميليس.
غير أن المواطن اللبناني، بين حذره وقلقه، يشعر بالأمان من عشرة آلاف عنصر بين جيش وأمن داخلي، انتشروا في المفاصل الحيوية من البلاد عشية صدور التقرير، على صدى ما لا يفتأ رئيس الحكومة يردده من “تأسيس دولة آمنة لا أمنية” وما قاله الرئيس السنيورة أمس في باريس إن الدولة “هي سيّدة الاحتكار الكامل للأمن في البلاد، وهي المسؤولة عن أمن جميع المواطنين والمقيمين على أرضها”.
وبقدر ارتياح المواطن اللبناني إلى الإجراءات الاحترازية هذا الأُسبوع، وشعوره بالأمان من بسط الدولة هيبتَها على الأمن في البلاد، وهي الهيبة التي يفتقدها المواطن ويَنشُدُها ويناشد الدولة بها، يتساءل هذا المواطن، من ضمن ارتياحه، لماذا كان على لبنان وصولُه إلى عشية تقرير ميليس حتى تأخذ الدولة قراراً بإجراءات مطَمْئِنة، ولا تستمر هذه الإجراءات لاحقاً ودائماً، ولو بمستوى آخَر ودرجة أخرى وكثافةٍ أقل، ولكنْ بالإبقاء على شعور المواطن بهيبة الدولة في أرجاء الوطن، حتى يشعر المواطن أنه حقاً في دولة آمنة لا أمنية، وأنه في حمى دولة تبسط حضورَها الحامي مواطنيها من يوضاسيي الداخل وقايينيي الخارج وبروتوسيي الظلام.
ينتهي هذا الأُسبوع، ويتبدَّد قلقٌ ما، ويتبدّد خوفٌ ما، إنما فلتُبقِ الدولة على حضورِها الآمن، حضورِها الراعي، حضورِها الحاضن، حضورِها المُطَمْئِنن كي تعودَ الثقة بين المواطن والدولة، فيعودَ المواطن إلى بَنَويته للدولة، وتعودَ الدولةُ إلى أُمومتِها للمواطن. هكذا تتصحح العلاقة، ومن هنا نشعر بدولةٍ تكون أمَّ المواطن لا زوجةَ أبيه.