الحلقة 421: الأوركسترا السمفونية اللبنانية: موسم جديد وسؤال قديم
(الاثنين 3 تشرين الأول 2005)
بقدْرما فرحنا أمسية الجمعة أول من أمس، ونحن نتابع قائد الأوركسترا السمفونية الوطنية اللبنانية رئيس الكونسرفاتوار اللبناني الدكتور وليد غلمية يقودها في أمسية رائعة هي فاتحة موسمها الجديد 2005-2006، عاودنا السؤال القديم نفسُه: إلى متى ستبقى هذه الأوركسترا مشرّدةً بلا بيت: مرة في كنيسة القديس يوسف للجامعة اليسوعية، مرة في أسامبلي هول الجامعة الأميركية، مرة في مسرح بيار أبو خاطر ، مرة في قصر الأونسكو، وهي كلَّ مرةٍ، كالبدو الرُّحَّل، بين نقل وتنقُّل وانتقال، بإزاحة بعض مقاعد الكنيسة واستبدالها بكراسٍ ووضع طراريح على المقاعد، ونصب المنبر والمسرح وقواعد النوطة وكراسي الموسيقيين وتهيئة الإضاءة ونقل الآلات الموسيقية، ثم من جديدٍ: إعادة الآلات والطراريح والمنبر والمسرح إلى الشاحنة، وفكفكة الإضاءة وإزاحة الكراسي وإعادة مقاعد الكنيسة إلى مكانها، وكل ذلك لأسبوعٍ واحد تعود بعدها العملية نفسها إزاحةً وتركيباً وتنظيماً ثم فكفكةً وإعادةً وشحناً، على دأب بدو رُّحَّل لا بيت لهم، مشرَّدين من مكان إلى مكان يحملون بضاعتهم من هنا ويحطون بها هناك ثم ينتقلون بها من هناك ويحطون بها هنالك.
يا عيب الشوم! دولةٌ تدعي أنها بنتُ العصر ولا تؤمّن بيتاً لأوركستراها الوطنية التي يمكن أن ترسلَها إلى العالم سفيرةً حقيقيةً للبنان الحضاري بعدما لبنان السياسي شوّه لبنان بتصرفات بعضٍ ساقطٍ من “بيت بو سياسة”.
مش وقتها هلّق؟ الوضع السياسي والأمني لا يسمح؟ شو يعني؟ في العالم دول كثيرةٌ كانت في أصعب أوضاعها الأمنية والسياسية لا توقف النبض الثقافي ولا صورتها الثقافية في العالم ولا أوركستراها الوطنية.
ولمحة عجلى على مزاريب الهدر في دولة مجالس الأزلام والهيئات الوهمية والجمعيات المزوّرة والمؤسسات المحاسيبية تشهد أن تأمين بيت للأوركسترا الوطنية اللبنانية لا يكلّف عشر العشر من هدرٍ تصرفه دولتنا الشوساء على مشاريع ومحاسيب وأزلام يحوّلون دولتنا إلى مزرعةٍ سيرفض يوماً أن يدخلَها حتى البدْو الرُّحَّل.