الحلقة 384: صورة لبنان بين وزارتي السياحة والأَشغال
(الخميس 11 آب 2005)
طالعنا في صحف أمس الأربعاء تصريح وزير السياحة في لقاءٍ مع مهنيي القطاع أعلن فيه تصميمه على تفعيل السياحة الداخلية التي طالَما طالبنا بتفعيلها لأبناء لبنان، وخصوصاً لشباب لبنان. ويأتي هذا الاهتمام بالسياحة الداخلية يعوّض عن شَح السياحة عامةً هذا الصيف، وضآلة ضيوفنا والسيّاح.
ولا نعتبر السياحة الداخلية لأبناء لبنان أقل أهمية من تلك التي لضيوف لبنان وزواره. فالسياحة الداخلية في قلب لبنان ضرورية كي يتعرف أبناؤنا إلى وطنهم مناطق ومعالِمَ وواحاتٍ وآثاراً وبيئةً وطبيعةً وجمالاً يَحسبونه من تَحصيل الحاصل حتى يعرفوا ما يقولُه عنه الزوار الأجانب فيكتشفوا فرادة ما في طبيعة لبنان.
غير أن السياحة، لأبناء لبنان أو لضيوف لبنان، تشكو علّة داخليةً مستعصية لا علاقة لها بالوضع الأمني. إنها علّة الطريق. فكيف يتمتع السائح، لبنانياً كان أو ضيفاً، حين الطريق التي يسيح عليها لم تعد طريقاً بل صارت جل بطاطا؟
كيف له أن يستمتع بِمشواره إلى الجبال والمصايف والبلدات والقرى والمدن، حين الطريق إليها مدرّجاتٌ وحفَرٌ ورُقَعٌ مسنّنة أو خفيضة أو ناتئة، حتى يصبح المشوار عذاباً وعقوبة؟
الأمر هنا مُحالٌ إلى وزير الأشغال. فالسياحة أولاً طريق إلى المعالِم السياحية. وكيف الوصول إلى هناك حين الطريق بلا خارطة طريق ذات حدٍّ أدنى من السلامة؟
فيا وزير السياحة، ويا وزير الأشغال، نسِّقا معاً في خارطة طريق سياحية، كي تكون السياحة في لبنان على طرقاتٍ تليق بالسياحة، فلا يكونَ العبور إلى واحاتنا السياحية خضخضةً مزهقة في… جل بطاطا.