الحلقة 382: طلاّبنا والصيف ولبنان السياحة
(الثلثاء 9 آب 2005)
في حلقة أمس الاثنين تحدّثتُ عن طلابنا والصيف ولبنان الحضارة، واليوم أسأل: ماذا يفعل طلابنا هذا الصيف كي يكتشفوا لبنان؟ هل ينبّههم ذووهم إلى أن يتجوّلوا في لبنان فيكتشفوا لبنان في هذا الصيف قبل أن يدهَمَهم الموسمُ المدرسي والجامعي فيزحَمَهم وقت الدرس؟ وهل يعرفون ما يجب ان يعرفوه عن وطنهم سياحةً ومواقعَ وآثاراً وواحات جماليةً وجميلة؟
وكيف لطلابنا أن يُحبّوا لبنان إن لم يكتشفوه، لا من شاشة التلفزيون، ولا من الكتب ولا من الأخبار، بل من معاينتهم الشخصية مناطق لبنان الصيف، صيف السياحة والوساعة والجمال الطبيعي والسحر الذي يلهف له الأجانب ولا يشعر به أبناء لبنان؟
من أعجوبات هذا اللبنان الأعجوبة، إمكان القيام بسياحة فيه كلّه لا تستغرق أكثر من أيام أسبوع واحد. فهل يُخصص طلابنا هذا الصيف بضعة أيام لينتقلوا من منطقة إلى أخرى ويتنقّلوا بين المناطق فيكتشفَ الشمالَ ابنُ الجنوب، ويكتشفَ البقاعَ ابنُ الجبل، ويَخرجَ ابن بيروت من العاصمة إلى أرجاء لبنان، فيعودَ الطلاب إلى مدارسهم وجامعاتهم في تشرين مزوَّدين بفكرة عن لبنان لن يعطيهم إياها المعلّم في الصف ولا منهجهم الأكاديمي في الكتب؟
لن يُحِبَّ أبناؤنا لبنان إن لم يعرفوه. وما يعرفه معظمهم حتى اليوم: اصطفافاتٌ حزبية وسياسية وفئوية ومناطقية ما زالوا منجرّين وراءَ رموزها موهومين بهالاتهم، ولم يدركوا بعدُ أنّ تلك الهالات آنيةٌ عابرة، والوطن لا يقوم على عوابر بل على ثوابت طبيعية وحضارية وثقافية وتراثية، لبنانهم غنيٌّ بها لكنَّ بينها وبينهم فواصلَ هشَّةً تبهر عيونهم، ولم ينتبهوا بعدُ إلى أنهم مبهورون بِجبلٍ لو تراجعوا قليلاً وراجعوا، لوجدوا أنه ليس سوى… خيمة عنكبوت.