الحلقة 381: طلاّبنا والصيف ولبنان الحضارة
(الاثنين 8 آب 2005)
طالعتنا صحف الأُسبوع الماضي بوقائع مؤتَمر صحافي عقدته اللجنة الوطنية اللبنانية لذاكرة العالم، المنبثقة عن اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو، أعلنت خلاله رئيسة اللجنة السيدة سلوى السنيورة بعاصيري دخول لبنان للمرة الأُولى إلى سجل اليونسكو لذاكرة العالم من التراث الرقمي (أي الوثائقي) بوثيقتين أعدَّهما الباحث اللبناني المعمِّق الدكتور ابرهيم كوكباني هما: “لوحات نهر الكلب الأثرية” و”تطَوُّر الأبجدية الفينيقية”.
فورَما يتبادر إلى الذهن عند قراءة هذا الخبر: طلاَّبُنا الجامعيون وتلامذتنا الثانويون. هل قرأوا هذا الخبر؟ هل تلقفوه من إذاعة أو من محطة تلفزيونية؟ هل انتبهوا شو يعني أن يدخل لبنان ذاكرة العالم بوثيقتين عظيمتين موجودتين نقوشاً على صخور نهر الكلب وفي محفوظات جبيل الأثرية مما يختزنه متحفنا الوطني في بيروت؟
هل استدركوا بهذا الحدث العظيم في لبنان من لبنان عن لبنان ليُدركوا أهمية وطنهم ينظر إليه العالَم نِظرة إكبارٍ وإجلال وتقدير فيما رهطٌ كبير من أهل لبنان لا يرون من لبنان إلاّ هذا السياسي أو ذاك القائد أو ذلك النائب أو الوزير: ماذا قال، متى صرّح، كيف خطب، في أي برنامجٍ سيظهر، حتى بات معظم اللبنانيين مشدودين “روبوتياً” إلى سياسييهم، محاصرين بالتصاريح والتصاريح المضادّة والأفعال وردود الأفعال، وطلابنا وتلامذتنا عالقون بين هؤلاء وأولئك ولا ينتبهون إلى مآثرَ لوطنهم عظيمةٍ ينذهل أمامها العالَم ولا يتنبه لها اللبنانيون.
طلابنا هذا الصيف، فلْيُخصصوا بعضاً من صيفهم لاكتشاف تراث لبنان، وليذهبوا إلى صخور نهر الكلب التي دخلت اليوم ذاكرة العالم، وليذهبوا إلى المتحف الوطني الذي فيه كنوزٌ دخلت اليوم ذاكرة العالم، لعلّهم يعون أهمية وطنهم، فيُشيحون عن الهَوبَرات في الشوارع لهذا أو ذاك من السياسيين، وأكثر: لعلّهم يدركون هول الفراغ الذي وقعوا فيه مضلَّلين، فيدخلون الهيكل، ويدحرجون من ضلَّلهم فيه من أصنام الهيكل.