الحلقة 361: النداء السادس إلى الرئيس السنيورة: وزارة الثقافة يلزمها وزير رؤيوي
(الاثنين 11 تَـمّـوز 2005)
جمعتنا سهرةٌ، أول أمس السبت، حول مائدةٍ لدى صديقٍ مشترك. وبادرني بصوتٍ تعمَّده عالياً ليسمعه مَن حولَنا: “ألا ترى بين كل الوزارات الحيوية في لبنان غير وزارة الثقافة”؟ وحين تنبَّه إلى أن مَن حولَنا يسمعونه، واصل بالنبرة العالية نفسِها: “أتريد الناس أن يأكلوا الخبز من وزارة الثقافة؟ أتريد أن يطمئنوا على الليرة من وزارة الثقافة؟ أتريد أن يؤمّنوا كهرباءهم من وزارة الثقافة؟ أتريد أن يُحصّنوا دفاعهم ضد العدو الإسرائيلي من وزارة الثقافة”؟
وانفلش أمامي بشلال أسئلةٍ متعالية، استراح بنهايتها على مقعده كأنه أفحمني بأسئلته الخبيرة هو المرشَّح الدائم لدخول الوزارة.
وكان لا بُدّ لشلال أسئلته من شلال أسئلة مقابل: أتعتقد يا حضرة المرشح الوزاري أن وزير الموارد المائية والكهربائية هو الذي يؤمّن الكهرباء إلى المواطنين أربعاً وعشرين ساعة في اليوم؟ أتعتقد أن وزير المالية هو الذي يُحصّن الليرة اللبنانية؟ أتعتقد أن وزير الصناعة هو الذي يؤمّن دخلاً هائلاً لِخزينة الدولة من الصناعات اللبنانية الثقيلة؟ أتعتقد أن وزير التجارة هو الذي يغذي خزينة الدولة بِمدخولٍ هائل من البروتوكولات التجارية مع الدول؟ أتعتقد أن وزير الدفاع هو الذي يرخي بالهول على عدوّنا التاريْخي؟ أتعتقد أنّ وزير الإسكان هو الذي يؤمّن للمواطنين رفاه السكن في لبنان؟ أتعتقد أن وزير الزراعة هو الذي ينهض بالزراعة في لبنان لتكون مورداً عظيماً لِخزينة الدولة؟ أتعتقد أنّ وزير… وهنا رنَّ خلويُّ الأخ المرشح الحكومي، فوجدها فرصةً ليَهُبّ من مقعده كي يُجيب، وخرج إلى الشرفة لهيفاً ليسمع خبراً كان ينتظره، وأكمل خروجه من الشرفة إلى الشارع من دون استئذان.
لا تعليق على هذا الكلام، سوى أن معظم سياسيينا لا يرون من مستقبل لبنان أبعد من الراهن الحالي بتأمين خدمات حياتية للمواطنين يؤمّنها عمل إداري روتيني يقوم به مدير عام ورؤساء مصالح وأقسام ودوائر. أما مستقبل لبنان الحقيقي فيؤمّنه رؤيوي يُهيّئُ منذ اليوم جيلاً جديداً ثقيفاً يصل بلبنان بعد سنواتٍ إلى مستوى حضاري جديرٍ بإرث لبنان. وهذا الذي يبدأُ التخطيط منذ اليوم لتأسيس جيل مقبلٍ حضاري، هو وزير رؤيوي ثاقب البصر والبصيرة، يتولى برؤيويته… وزارة الثقافة.