الحلقة 322: انتخابيات – الجزء السابع – تعدَّد العازفون والأوركسترا واحدة
(الثلثاء 17 أيار 2005)
لا نريد أن نتدخّل في الأسباب التي دفعت ببعض السياسيين إلى قرار عزوفهم عن الترشُّح للانتخابات. فمنهم من عزف ليقينه بأن القوة التي كانت تدفع به إلى الفوز سلفاً، لم تَعُد موجودة، ومنهم من عزف لقرفه مِمّا يَجري، ومنهم من عزف لأن بوانتاج ماكنته الانتخابية لم يكن مؤاتياً، … المهمّ تعدَّدَت الأسباب والعزوف واحد، وتعدَّد العازفون والأوركسترا واحدة.
فهل يقبل الشعب اللبناني بهذه الأوركسترا كما هي، كما رُكِّبَت أو كما هي مفروضةٌ على الشعب بلوائحها وتحالفاتها ومُحاصصاتها وكوتاتها وظروفها واعتباراتها ومصالح رؤسائها وأعضائها، بصرف النظر عما إذا كانت هذه إرادة الشعب أو لا؟
الأرجح أنْ لا. فطابِخو اللوائح، في معظمهم، تصرَّفوا أفقياً ولم يتصرفوا عمودياً. تصرّفوا أفقياً في ما بينهم، ولم يتصرفوا عمودياً بالتقاطع مع ما يريده شعب لبنان. فهل سينجحون؟
وهل سيرضى شعب لبنان أن يكون مفعولاً به بدل أن يكون فاعلاً؟ هل يرضى بأن “يرضخ” عوض أن “يرضى”؟ هل سيرضى شعب لبنان أن يكون أمام واقع مفروضٍ عليه لا واقع معروضٍ عليه؟
أغلب الظن أن معظم الشعب اللبناني سيرفض المفروض وسيقبل المعروض. وبين المفروض عليه والمعروض عليه، سيختار المعلّق لا المعلَّب، المعلّق على السؤال لا المعلّب على الجواب، لأن الشعب اللبناني، وخصوصاً بعد 14 آذار، يريد أن يَحتفظ بالسؤال حجة في يده، ويرفض الجواب الجاهز المعلّب مفروضاً عليه كأنّ القرار مفروضٌ عليه.
تعدَّد العازفون، والأوركسترا واحدة، والشعب اللبناني لم يعُد يرضى الفرض، وسوف يَختار من يريدُ هو أن يَختارهم: أفي لوائحَ مفروضةٍ كانوا أم في لوائحَ معروضة، قد يَختار أن يَختار اختيار أسماء متفرقة لا لوائح كاملة، وقد يَختار أن يَختار الإشاحة والمقاطعة، وفي جميع الحالات، سيختار أن يظل هو السؤال، رافضاً أن يكون جواباً معلَّباً تفرضه عليه أُوركسترا السائلين.