الحلقة 302 : نداء أوّل إلى الرئيس نجيب ميقاتي
(الثلثاء 19 نيسان 2005)
دولة الرئيس،
يعصِمُني إليكَ أنْ ليس تجمعنا صداقةٌ شخصيةٌ فلا يكونُ كلامي إليك ذاتياً شخصياً بل غيرياً موضوعياً.
ويعصِمُني إليك أنني لستُ من السياسيين، ولا المشتغلين معهم في السياسة، ولا الطامحين إلى السياسة مسترئسين أو مستوزرين، ولستُ مَحسوباً على أحدٍ من “بيت بو سياسة”، فليس في كلامي إليك مدحُ تقرُّبٍ أو مُحاولةُ لفْتِكَ بالالماح.
ويحفِزني في الكلام إليك أنك لا تأتي إلى السراي من نادي الرؤساء التقليدي ولا من بيتٍ أورثك الرئاسة الثالثة، فجئتَ كسلفِك، شهيد العصر، من بيت متواضعٍ أنيق النبل والكرامة. وكما تولى هو الرئاسة الثالثة في مطلع خمسينِه، تتولاها أنت في مطلع خمسينِك، شاباً طَموحاً ممتلئ الحيوية، شبعانَ الشهية، خبِرتَ الوزارة سنواتٍ كنتَ خلالها الرصين الجهد والتنفيذ.
دولة الرئيس الشاب،
أنهيتَ أول من أمس جولتك البروتوكولية على أسلافك بعد التكليف، وأنهيتَ أمس جولتك على زملائك بغية التأْليف، ولا بُدّ أنك كوّنتَ فكرةً حصيلةَ استشاراتك، حتى لا يعودَ كلامٌ بعدها يؤثِّرُ اليوم في قرارك.
غير أنّ قرارَك، يا دولة الرئيس الشاب، يا ابن الخمسين ربيعاً تحملها إلى ربيع لبنان، ولو كنا لا ندّعي قدرتنا على تغيير قرارِك الذي كوّنته أمس، نتمنى ألاّ يكون فقط صدى ما سمعتَه أمس من زملائك النواب، بل صدىً أعمقَ لِما يوحيه إليك شبابُك من التفاتة إلى أترابك شباب لبنان.
وإذا كان لا بدّ لك، كما قرأنا في الصحف أول أمس وأمس وصباح اليوم، أن تشكّل حكومةً مصغَّرةً من التكنوقراطيين الخبراء غير المرشحين للانتخابات النيابية في أيار، فهذه فرصةٌ لك يا رئيس الشباب أن تستعين بنخبة النخبة من شباب لبنان، المكتنِزين علْماً ونضجاً ومعرفةً في الحقول الرئيسَة التي تحتاجها حكومتُك بنتُ الشهرين، وهي الحقول القانونية والدستورية والاقتصادية. وما دمتَ لم تعُد “محشوراً” بتوزير بيت بو سياسة، لدينا في لبنان نخبة شبابٍ سترى كم سيسْرعون في نجدتك ونجدة لبنان، وكم سيسرّعون ما يظنّه البعضُ العتيقُ يستغرق وقتاً طويلاً يتجاوز المُهَل الدستورية والقانونية.
فالشبابَ الشبابَ يا دولةَ الرئيس الشاب، وسترى كم انّ على أكتافهم الشابة سيقفِز لبنان بسرعة الشباب الواثقة، من عقلية البُطء السياسي المترهل، إلى برق الموقف السياسي الأكاديمي العلمي المدروس، بسرعةٍ من دون تسرُّع.
يا دولة الرئيس الشاب،
الشبابَ الشباب، لتشكيلتِك الحكومية المصغرة الجديدة، وسترى كم ستُقْلعُ بولايتك مع هؤلاء الشباب، ولو لشهرين فاصلَين، فتكونُ حكومتُك الشهرَينيّة حافزاً لكَ كي تعودَ بعد الانتخابات إلى ولايةٍ ثانية لك، مديدةٍ بنصرِ أنك جئتَ من خارج النادي السياسي وحملتَ إلى الحكم وجوهاً جديدةً تشكّل نادياً جديداً للبنان الجديد، هو نادي الحكم الآتي من المستقبل، لا من ترهُّل الماضي ووجوهه العتيقة.
وإلى لقاءٍ آخرَ غداً، في نداءٍ جديدٍ إليك.