الْحلقة 223: رجال شرطة السير على طرقاتنا… شو بيشتغلو؟
(الأربعاء 22 كانون الأول 2004)
بعد حديثي أمس عن طيش شبابنا المتهوّرين وأنْ ليس من يردعهم على طرقاتنا، اتصلت بي مساءً أُمٌّ فُجِعت قبل سنواتٍ بموت وحيدها الشاب الذي كان يمشي على الرصيف فاجتاحته سيارة طائشة لم يستطع سائقها الأرعن السيطرة عليها لسرعته المجنونة فقفز الى الرصيف وقتل الشاب عليه.
وقالت لي الأُم المفجوعة إن المكان الذي قتل فيه ابنها الوحيد ما زال يشهد جنون الطائشين من الشباب، لوساعة الطريق هناك، وعبثاً اتصلَت بمسؤولين تلفتهم الى ضرورة وضع بوليس سير في تلك النقطة، وحتى اليوم لا تزال وساعة الطريق تثير شهوة الشباب الطائشين للسرعة المجنونة.
على أنّ أوجع ما سمعتُ من تلك الأم المفجوعة، سؤالُها: “رجال شرطة السير على طرقاتنا: شو بيشتغلو”؟ وأردفت أنها لا تزال تراهم واقفين مثل خيال الكروم، تمر السيارة أمامهم مسرعة فلا يوقفونها، وتخالف السيارة عكس السير فلا يوقفونها، وتنعطف في مكان ممنوع فلا يوقفونها، ويتحدث سائقها بالخلوي فلا يوقفونهُ، ويقود سيارته بدون حزام الأمان فلا يوقفونهُ، ويجتاز المفترق على الضوء الأحمر فلا يوقفونهُ… إذن: رجال شرطة السير، شو بيشتغلو؟
وذكّرني سؤالها بما جرى معي الأسبوع الماضي حين توقفت عند الإشارة الحمراء على مفترق طرق، فإذا بسيارة تنعطف يساراً عكس السير ويلتفت إليها بوليس السير رافعاً يديه مستغرباً متعجباً من المخالفة، ولم يكلّف عبقريتَه حتى بأخْذِ رقم السيارة. وحين أضاءت الإشارةُ خضراء، دنوتُ منه أستفسرُ لِمْ لَم يتّخذ بحقه إجراءً، فأجابني أنه ليس مخوّلاً بذلك، بل عليه، عندما يعاين أية مخالفة، أن يتصل باللاسلكي بأقرب نقطة درك.
وبين أن تحدث المخالفة ويتصلَ هذا الأشوس بأقرب نقطة، يكون المخالف أصبح في أبعد نقطة وربما يجري هناك مخالفة أخرى لن يعاقبها شرطي السير الذي عليه أن يتصل بأقرب نقطة أخرى.
وبين نقطة ونقطة، نتساءل فعلاً مع تلك الأُم المفجوعة: “رجال شرطة السير، شو بيشتغلو”؟