الحلقة 192: من يردع رعونة شبابنا في سياراتهم المجنونة؟
(الثلثاء 9 تشرين الثاني 2004)
يمكن أن نَحتمل رعونة شبابٍ يتجوّلون في جامعاتهم حاملين علبةَ السجائر في يدٍ والخلويَّ في اليد الأُخرى، لا كتابَ يَحمِلون ولا دفتر، ويتجوّلون مقهقهين أو متكلمين عالياً بالهاتف الخلوي.
ويمكن أن نَحتمل رعونة شبابٍ أصبح شعرهم يابساً من كثرة الْجِلْ الذي به يوقفون شَعرَهم كالقنفذ أو ككبكاب الشوك أو كالصبير، خصلاتٍ بشعةً مقرفة.
ويمكن أن نَحتمل رعونة شبابٍ معظمُهم في أدنى درجات التثقُّف لا يستمدون معارفهم إلاّ من برامج التلفزيون السخيفة وأغنيات الجيل الجديد التافهة.
كل هذه، تشكّل هبوطاً في مستواهم، ومستوى مستقبلهم التاعس، لكنها، الى حدٍّ ما، لا تشكّل خطراً على الناس.
ولكن حين تزداد رعونتُهم لتشكّل خطراً عاماً، يصبح الأمر ظاهرةً خطرةً تستوجب التدخُّل.
فها هم يَحملون شَعرَهُم القنفذيَّ الشيطاني، ويُمسكون جهازهم الخلويَّ بيد، ومقود السيارة باليد الأخرى، ويقودونها بسرعة مَجنونة، يسيرون زيكزاكياً بين السيارات، تتفجَّر الْموسيقى الصاخبة من مكبرات صوت السيارة، لا إشارةً حمراء يرون، ولا أولويةَ مرور يراعون، ولا تَحديد سرعةٍ يَحترمون، ولا بوليسَ السير يهابون.
بوليسَ السير يَهابون؟ وكيف يَهابون؟ ولِماذا يَهابون؟ طالَما ليس بوليس السير قوةً رادعة ولا مصدرَ رَهبة، ولا علامةَ هيبة، يمرون أمامه وهو واقفٌ مثل خيال الكروم لا صوتَ له ولا فعالية!
فمَن إذاً، مَن يردع طيش هؤلاء الشباب الذي يشكلون خطراً على حياتهم وزهرة شبابهم، ويشكِّلون خطراً على سائر الْمواطنين في طول الطرقات وعرضها؟
كم مرةً ناح بيتٌ على شاب، ولبستِ الحدادَ أُمٌّ ثكلى على ابنها الشاب، وتحطمت سيارةٌ كان سائقها الشاب يقودها بسرعة مَجنونة، وما زلنا نقول: “رحم الله شبابه”. وليس من يتّخذ إجراءً رادعاً حازماً جازماً لوقف هذا الْموت الْمجاني.
وحدها هيبة الدولة على الطرقات، تردع الموت عن شبابنا.
فمتى وكيف لنا أن نشعر على طرقاتنا بِـهيبة الدولة؟