الحلقة 170: انطباعات من بُحيرة الليمون – فلوريدا (الْجزء الخامس):
باص الْمدرسة وحجز السيارة والسجن
(الْجمعة 8 تشرين الأول 2004)
تَحدّثْتُ أمس عن ظاهرةِ إشراك التلامذة، هنا في فلوريدا، في الْحياة الْمدنية بيئياً واجتماعياً ولوجستياً. واليوم حديثٌ آخَر عن الباصات الْمدرسية الصفراء التي تحمل من الْخلف لافتة مطبوعة عليها عبارة: “أولادنا مستقبل البلاد”.
ذلك أن باص الْمدرسة الأصفر، هنا، مزوّدٌ في جانبه الأيسر لِجهة السائق، من الأمام ومن الوراء، بإشارتَي “قف: مَمنوع الْمُرور” حمراوين مضاءتَين، تنفتحان تلقائياً كلما توقّف الباص يُقلّ التلامذة، وينغلقان حين يتحرّك الباص الأصفر بعد صعود التلامذة إليه. وهو إجراءٌ احترازي لوقف مرور السيارات فيما التلامذة يقتربون الى الباص من جهته اليمنى حيث الباب، أو من جهته اليسرى فيعبرون عُرض الطريق آمنين من أن لن تَجتاحهم سيارة رعناء. فإشارة الباص الْحمراء توقف الْمرور نهائياً حين يقف، فلا يتجاوزه سائق من الوراء، ولا يتقاطع معه سائق من الْجهة الْمقابلة.
حين كنتُ أعيش هنا، في منآيَ الْمؤقّت قبل عشر سنوات، كانت مُخالفة عدم الوقوف، عند توقف باص الْمدرسة الأصفر، مَحضر ضبطٍ من مئة دولار. واليوم، بلَغني أن الْمخالفة باتت حجزَ السيارة مرةً أُولى، فإذا تكرَّرت الْمخالفَةُ اقتيد السائق الى السجن شهراً كاملاً مع مصادرة شهادة سَوْقه ستة أشهر.
هكذا تُحافظ الدول على أطفالها وأولادها وتلامذة مدارسها الذين هم “مستقبل البلاد”.
فأين عندنا هذا الْحرص، ونَحن نرى كيف تتوقّف باصات الْمدارس وكيف يجتاز التلامذة عُرض الطريق إليها بدون وقف السير، متعرّضين للخطر الأكيد.
وصدف لي غيرَ مرّةٍ أن رأيتُ باصاتٍ صفراءَ مدرسيةً في بيروت، هي نفسُها الْمشتراةُ من هنا، من أميركا، لكنني لاحظْتُ أنّ إشارة “قف: ممنوع الْمرور” نُزِعَت عنها في بيروت فلم تَعُد تظهر ولا تضيءُ عندما يتوقف الباص لتلامذتنا اللبنانيين.
كنتم معي طوال هذا الأُسبوع في بُحيرة الليمون – فلوريدا… إليكم بيروت.