الحلقة 168: انطباعات من بُحيرة الليمون – فلوريدا (الْجزء الثالث):
نقلٌ مباشَر لغير الانتخابات
(الأربعاء 6 تشرين الأول 2004)
نبقى في ذيول الإعصار، والأمثولاتِ التي نقطفها منه.
هل أمثولاتٌ من إعصار؟ نعم. في أميركا، نعم.
وأبرزُ هذه الأمثولات: النقل التلفزيونيُّ الْمباشَرُ قبيل وصول الإعصار وبعَيد انْحساره، من مواقعَ تضرّرَت أو نقاطٍ حساسة. وأكثر: وقْف البرامج من أجل خبرٍ عاجل، غيرِ أمني وغيرِ عسكري وغيرِ سياسي، بل لإعلام الْمواطنين بآخر مستجدّات التيار الكهربائي: سيجري قطعُه في هذه الْمنطقة من الساعة كذا وخمسٍ وثلاثين دقيقة، الى الساعة كذا إلاّ عشر دقائق، بسبب التصليحات. وتتواصل هذه اللائحة، كلَّ حين، في التلفزيونات الْمحلية، معدِّدةً لكل منطقةٍ أو مدينةٍ أو بلدةٍ سويعاتِ قطعِ التيّار ومواعيدَ عودته، كي يكونَ الْمواطنون على علْم فيحتاطوا، لأن موضة الْمولِّدات ليست رائجةً هنا إذ لا ضرورة لها.
الشاهدُ هنا، ولا أستطيعُ إلاّ أن أُقارن: الشاهد مزدوجٌ في الْمقارنة بين ما عندنا هناك في لبنان، وبين الـ”هنا” في فلوريدا الْمنكوبة لساعاتٍ سرعانَ ما عولِجت بساعاتٍ لا تزيد عن ساعات النكبة.
وذه الْمقارنة الْمزدوجة:
أوّلاً: نَحن لا نرى نقلاً تلفزيونياً مباشَراً فورياً لتغطية الحدَث، إلاّ، من غير شر، في موسم الانتخابات، كي يتابعَ الْمواطنون الأحبّاءُ عددَ الأصوات التي تَجمّعت لهذا الْمرشَّح الأشوس، أو لتلك اللائحة الشوساء. أما نكباتُ الطبيعة فننتظرُ نشراتِ الأخبار لتنقلها لنا مصوَّرةً لا مباشرة.
وثانياً: أنّى لنا مسؤولٌ في الدولة يعطينا توقيتَ التقنين في كل منطقة حتى يتنبهَ الْمواطنون الذين، أصلاً، لم يعودوا في حاجةٍ الى تنبيهٍ لأن الْمولّدات عادت الى البيوت والْمكاتب والمصانع، بعدما فقد الْمواطنون الثقةَ بوعودٍ أقلُّ ما يقال فيها إنها كذابة، ولو حصلت هنا، في الولايات الْمتحدة، لثار الناس وأجبروا الْمسؤول على الاستقالة والْمحاكمة. فالكذب هنا أخطرُ التُّهَم وأسرعُها في مُحاكمة الْمسؤول وهو في الْمسؤولية.
“مُحاكمة الْمسؤول وهو في الْمسؤولية”… هل في قاموسنا اللبناني هذه العبارة؟
والى اللقاء غداً في انطباعٍ آخرَ من هنا، من بُحيرة الليمون في فلوريدا… إليكم بيروت.