123: فضيحة الميكانيك تفضح غياب هيبة الدولة

الحلقة 123: فضيحة الـميكانيك تفضح غياب هيبة الدولة
(الأربعاء 4 آب 2004)

لن نُجادل رئيس اللجنة البرلمانية للبيئة الصديق أكرم شهيّب في ما قاله عن فضائح الْميكانيك، ولا الْمديرَ العام للميكانيك على دفاعه عن موظفيه ونفيِهِ إشاعاتٍ مغرضةً في رأْيه.
لن نُجادل شهيّب، لأننا نعرفهُ يتحدّث عن قناعةٍ ومعلومات، ولن نُجادل الْمدير العام لأنه يتحدّث عن معلوماتٍ ينقلُها إليه موظّفوه الشرفاء الذين يزينون له الواقع كما يُحِبُّ هو أن يسمع.
وإذا شكَّكنا في الكلام، فهل نشكّك في النظر؟ وكيف نقتنع بأن آلاف هذه السيارات الْهرمة البشعة الْخَطِرة الْمقرِفة على الطرقات، مرّت على الْمعاينة ونَجحت في الْمرور، أو أنها لَم تَمُرَّ بعدُ على الْمعاينة، وهي أكثر من نصف السيارات الْمتجولة علىطرقات لبنان؟
وإذا افترضنا أنّها مرّت، كيف نفسّر أن تَمُرَّ حدّ شرطي السير ولا تلفتَه بدخانها الكثيف القاتل، ولا تلفتَه بتكسُّر مصابيحها الأمامية والْخلفية، ولا تلفتَه بدواليبها الْحافية، ولا تلفتَه بشكلها الْمكَسَّر الصدئ البشع الْمقرف، فالباب مربوط بسلك حديدي، والنافذة يَحشرها مفك براغٍ، وزجاجها الأمامي مطقطق من ضربة أو تفسُّخ، وهي تهُز في سيرها لانعدام التوازن في ميزانها بسبب تآكل الدواليب؟
ما زلنا نسمع الكثير عن استئجارِ دواليبَ مؤقتةٍ وقطعِ غيارٍ مؤقتةٍ للمرور على الْمعاينة الْميكانيكية، ثم تعود السيارة بعد نَجاحها الى تعتيرها السابق وتشكيلِها خطرَ التجوُّل على الطرقات تَحت أعيُن الْجهابيذ رجال شرطة السير.
ظاهرةُ التزوير في الْميكانيك ليست سوى واحدةٍ من فضائح ليس لها إلاّ سبب واحد وحيد: غيابُ هيبةِ الدولة عن دوائرِها وموظَّفيها وشرطة السير على طرقاتها. وكيف نُقنعُ أولادَنا بعدم الهجرة من وطنٍ تغيب عنه… هيبة الدولة؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*