الحلقة 114 – أنقذوا بعلبك تنقذْكم في الدين العام
(الخميس 22 تموز 2004)
لِماذا نشهد صفوف السياح طويلةً على مدخل البارثنون في أثينا، ولا نشهد مثل هذه الصفوف الطويلة على مدخل هياكل بعلبك؟
لِماذا في البارثنون تَختار دليلاً يتقن لغة تعرفها، أو تلبس شارةً بلونٍ معيَّنٍ يقابلُها مترجم يلبس اللون نفسه كي يترجم لك، بينما في بعلبك لا تَجد مترجمين أو أدلاء؟
لِماذا النظافة في جميع أنْحاء البارثنون لافتةً بأناقتها الْمتواصلة وتَجَنُّد عشرات العمال للتنظيف الْمتواصل، ولا نَجد مثلَ هذه النظافة في بعلبك؟
لِماذا يُقبل الناس على البارثنون طوال أيام السنة وفوداً صغيرةً أوموسّعة، ولا نشهد مثل هذه الوفود في بعلبك إلا خلال ليالي الْمهرجان فقط؟
لِماذا الدولة اليونانية تؤهّل للبارثنون أدلاء سياحيين ومترجمين أكفياء فتَجعل من البارثنون نقطةَ جذبٍ سياحي، ودولتنا لا تؤهّل مثلهم لبعلبك، فنكتفي بتكرار أنّ بعلبك أجمل من البارثنون أو بالتبجُّح أنّ برناردشو قال سنة 1926: “لو كان عندنا مثلُ بعلبك في إنكلترا لألغينا الضرائب لأن مردودها السياحي وحده يغني خزينة الدولة”.
هل الدولة التي اخترعت شركة كـ”سوليدير” أهلت الوسط التجاري رائعاً كما هو، عاجزةٌ عن اختراع شركة مثيلة لواحاتنا السياحية أو عن تلزيم بعلبك لشركة خاصة تستصلحها وتستثمرها وتحولها قبلة السياحة في الشرق والغرب، على عادة نجاح القطاع الخاص في لبنان؟ فلماذا لا تؤول بعلبكنا العظيمة الى قطاع خاص يؤهلها بشراً وحجراً فيقف السياح عندنا صفوفاً طويلةً ينتظرها دليل مثقف ومترجم مهذب وموظفون شرفاء لا يستغلون ضيوفنا العرب والأجانب بتصرفات معيبة يَخرجون بعدها بانطباع سيئ عن لبنان؟
بين البارثنون وبعلبك، مسافةُ صحوةٍ من الدولة، كافيةٍ لجعل بعلبك تساعد في مردود الدولة، هذه الدولة التي باتت مشهورة بالعجْز في الدين، والعُجَّز عن وقف اللصوصيات والسمسرات والهدر لوفاء هذا الدين.