الحلقة 85: نيّالَك يا أمين معلوف نِلْتَها في فرنسا
(الجمعة 11 حزيران 2004)
أول أمس الأربعاء، تلقّى الكاتب اللبناني أمين معلوف جائزةً جديدةً على روايته الجديدة “أصول” (الصادرة بالفرنسية عن منشورات “غراسيه”) هي “جائزة المتوسط” تسلّمها إثْر احتفال أدبي كبير (في “لاكلوزْري دي ليلا” قرب مونبارناس) حضره عدد كبير من الكتّاب والشعراء. وفي كلمته قال أمين معلوف: “أنا دائمُ الاعتزاز بانتمائي الى لبنان”.
هذا أول أمس الأربعاء. وفي مطلع هذا الأسبوع، وبالضبط: الأحد الماضي، نظّم “منتدى برونو كرايسكي” في فيينا لقاءً أدبياً مع أمين معلوف حول كتابه “الهويات القاتلة”، شارك فيه صحافيون وأدباء كبار، وكان لافتاً في بطاقة الدعوة أنّ ثمنها نحو سبعة دولارات للدخول الى مسرح “الأكاديمي ثياتر”.
وعن الأخبار أن الحشد كان كبيراً حتى ضاقت به مقاعد المسرح.
هذا إذاً كبيرٌ من لبنان، ينال جائزة عالَمية جديدة على روايته الجديدة ويقام له احتفال يتدافع الناس كي يدفعوا ويحضروه في فيينا.
أين نحن من العالم، وأين العالم منا؟
عندنا يبحث منظّمو الاحتفالات الثقافية عن الناس في بيوتهم كي يغروهم بحضور احتفال أدبي، وفي فيينا يتدافع الناس ليدفعوا سبعة دولارات كي يحضروا احتفالاً أدبياً مع كاتب كبير.
هذا هو الفرق بيننا وبين العالم الْمثقف. هناك يهرولون الى احتفال أدبي، وهنا يهرولون الى احتفال خطابي أو انتخابي يقوم به واحد من بيت بو سياسه يتباهى بأنه يجمع أعداداً رهن إشارة من إصبعه، كأن الناس فئران مختبرات، أو قطيع يسير وراء السياسي أينما شاء وكيفما شاء وساعة يشاء.
هذا هو الفرق بيننا وبين المستقبل: في النمسا الناس يدفعون مالاً ليتثقَّفوا، وهنا السياسيون يدفعون الناس الى الجهل والتجهيل والاستجهال.
مبروك للصديق أمين معلوف مرتين: مرةً لأنه نال جائزة جديدة، ومرةً لأنه نالها هناك، هناك، لأنه لو نالها هنا وأقيم له احتفال هنا، لكان الحضور على المنبر حتماً أكثر من الحضور القاعدين في صالة الاحتفال.