الحلقة 79: ذاكرة لبنان في مَحفوظاته الوطنية
(الخميس 3 حزيران 2004)
غداً الْجمعة، في السادسة مساءً، وفي قصر الأونسكو، سنحتفل معاً باليوبيل الفضي لِمؤسسة الْمحفوظات الوطنية.
ربع قرنٍ ومؤسسة الْمحفوظات الوطنية تَجمع، تلملم، تَحفظ، وتطرح الصوت كي يأْتَمنها أصحاب الكنوز على كنوزهم، وليس من يسمع وليس من يُجيب.
ولو أحصينا ما أعطاه رئيس مَجلس إدارتِها ومديرُها العام الْحالي الأستاذ فؤاد عبيد من مُحاضراتٍ وأحاديثَ وندواتٍ ومعارض لِحثّ الْمواطنين على إيداع الْمؤسسة ما لديهم، لبلغت نصوصه مُجلّدات. غير أننا، في لبنان، ينقصنا الوعيُ على حفظ التراث أو على الأقلّ إيداعُ من نأتَمنه عليه كي يَحفظه ويُحافظ عليه.
ولو علمنا أن الولايات الْمتّحدة، ولا يزيد عمرها عن عمر أي بيتٍ عتيق في ضيعة لبنانية، تَحفظ كل وثيقةٍ وصورةٍ وأداةٍ وورقةٍ وكتابٍ ومَخطوطةٍ ومادةٍ، من أجل الْحفاظ على الذاكرة، وبناءِ أمةٍ بدأت شتاتاً تَلَمْلَمَ غرباءَ من أصقاع الدنيا تلاقوا وتآزروا وعمّروا أمة هي اليوم القوة العظمى على الكرة الأرضية، وفي طليعة علاماتها مكتبة الكونغرس والْمتحف الْحربي ومتاحف الْجامعات ومكتباتُها، لفهمنا كيف يكون جمع التراث وحفظ التراث والْحفاظ على الْمحفوظات الوطنية.
ومؤسستنا اللبنانية للمحفوظات الوطنية تقوم بمهمتها ورسالتها على أفضل وجه، وسيكون دورها أرشيفياً أكبر، لو تعاون معها اللبنانيون، مبدعوهم ومتلقُّوهم، لِمَدِّها بِما يُعمّر الذاكرة.
أصحاب الْمدارس، الأساتذة، الْمسؤولون، فليصطحبوا تلامذتهم وأبناءهم الى قصر الأونسكو بدءاً من غدٍ الْجمعة الى الأحد المقبل 13 حزيران، يومياً من العاشرة صباحاً حتى التاسعة مساء، كي يشاهدوا ذخراً لبنانياً كبيراً، ويَعُوا أن وطنهم لا يُختصر ببرامِجهم التلفزيونية التافهة، بل هو وطنٌ يعتزُّون بالانتماء إليه، والى ذاكرةٍ له عريقةٍ تعمل على بنائها بأيّما مسؤولية حضارية، مؤسسةُ الْمحفوظات الوطنية.